ثمنهما ، والبحث في القادر .
مسألة ٤٧ : الفقير الزمن لا يجب عليه الحجّ إجماعاً ، فلو بذل له غيره الحجّ عنه بأن ينوبه ، لم يجب عليه أيضاً ـ وبه قال مالك وأبو حنيفة (١) ـ لقوله عليه السلام : ( السبيل زاد وراحلة ) (٢) .
ولأنّ الحجّ عبادة بدنيّة فوجب أن لا يجب عليه ببذل الغير النيابة عنه فيها ، كالصلاة والصوم .
ولأنّ العبادات ضربان :
منها : ما يتعلّق بالأبدان ، فتجب بالقدرة عليها ، كالصلاة والصيام .
ومنها : ما يتعلّق بالأموال ، فيعتبر في وجوبها ملك المال ، كالزكاة ، ولم يُعهد في الاُصول وجوب عبادة ببذل الطاعة (٣) .
وقال الشافعي : يجب ؛ لما روي أنّ امرأةً من خثعم قالت : يا رسول الله إنّ فريضة الله في الحجّ على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة ، فهل ترى أن أحجّ عنه ؟ فقال : ( نعم ) فقالت : أو ينفعه ؟ فقال : ( أرأيت لو كان على أبيك دَيْنٌ فقضيِته أكان ينفعه ؟ ) فقالت : نعم ، قال : ( فدَيْن الله أحقّ أن يقضى ) (٤) .
وجه الدلالة : أنّها بذلت الطاعة لأبيها ، فأمرها رسول الله صلّى الله عليه وآله بالحجّ عنه من غير أن يجري للمال ذكر ، فدلّ على أنّ الفرض وجب ببذل الطاعة .
__________________
(١) بداية المجتهد ١ : ٣١٩ ـ ٣٢٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٩ ، المجموع ٧ : ١٠١ .
(٢) سنن الدارقطني ٢ : ٢١٨ / ١٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٣٠ .
(٣) قوله : ببذل الطاعة ، أي بالتقرّب إلى الله تعالى بالنيابة عنه في الحج ، فلم يجب على النائب . هامش « ن » .
(٤) صحيح مسلم ٢ : ٩٧٣ / ١٣٣٤ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٧١ / ٢٩٠٩ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٢٨ بتفاوت واختصار .