« تقول هذا في دبر كلّ صلاة مكتوبة أو نافلة ، وحين ينهض بك بعيرك ، وإذا علوت شرفاً أو هبطت وادياً أو لقيت راكباً أو استيقظت من منامك ، وبالأسحار ، وأكثر ما استطعت واجهر بها ، وإن تركت بعض التلبية فلا يضرّك غير أنّ تمامها أفضل » .
« واعلم أنّه لا بدّ لك من التلبيات الأربع التي كُنّ في اول الكلام هي الفريضة ، وهي التوحيد ، وبها لبّى المرسلون ، وأكثر من ذي المعارج فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يكثر منها ، وأوّل مَنْ لبّى إبراهيم عليه السلام ، قال : إن الله يدعوكم الى أن تحجّوا بيته ، فأجابوه بالتلبية ، فلم يبق أحد أخذ ميثاقه بالموافاة في ظهر رجل ولا بطن امرأة إلّا أجاب بالتلبية » (١) .
ولأنّها عبادة لها تحليل وتحريم ، فكان فيها نطق واجب ، كالصلاة .
إذا عرفت هذا ، فإنّ الزائد على الأربع مستحب ـ وبه قال أصحاب أبي حنيفة (٢) ـ لما تقدّم .
وقال الشافعي : إنّه غير مستحب . وبه قال أحمد (٣) ـ وقال بعضهم : إنّ الزائد مكروه (٤) ـ لما رواه الشافعي عن الصادق عن الباقر عليهما السلام عن جابر ـ وقد تقدّم (٥) ـ وما داوم عليه النبي عليه السلام أولى .
ونحن نقول : إنّما فَعَله عليه السلام بياناً للواجب ، فلهذا لم يزد .
ويستحب الإِكثار من ذكر « ذي المعارج » .
مسألة ١٨٨ : يستحب رفع الصوت بالتلبية ـ وهو قول العلماء ـ لأنّ « جبرئيل قال للنبي صلّى الله عليه وآله : مُرْ أصحابك بالعجّ والثجّ ، والعجّ :
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٩١ ـ ٩٢ / ٣٠٠ .
(٢) فتح العزيز ٧ : ٢٦٣ .
(٣) الأم ٢ : ٢٠٤ ، فتح العزيز ٧ : ٢٦٣ ، المغني ٣ : ٢٥٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦٤ .
(٤) انظر : المجموع ٧ : ٢٤٥ .
(٥) تقدّم في صفحة ٢٤٩ .