والشارع اعتبر عموم الأحوال دون خصوصها ، كما في مشقّة السفر ، فإنّها غير معتبرة ، بل المظنّة وإن كانت المشقّةُ منتفيةً .
مسألة ٣٧ : الراحلة إنّما هي شرط في حقّ البعيد عن مكة ، وأمّا أهل مكة فلا تشترط الراحلة فيهم ، وكذا من كان بينه وبين مكة [ مكان ] (١) قريب لا يحتاج إلى الراحلة ، وإنّما تعتبر الراحلة في حقّ من كان على مسافة يحتاج فيها إلى الزاد والراحلة ، سواء قَصُرت المسافة أو بَعُدت .
وشرط العامّة أن يكون بينه وبين البيت مسافة القصر ، فأمّا القريب الذي يمكنه المشي فلا يعتبر وجود الراحلة في حقّه ؛ لأنّها مسافة قريبة يمكنه المشي إليها فلزمه ، كالسعي إلى الجمعة ، ولو لم يتمكّن من المشي ، اشترط في حقّه وجود الحمولة ؛ لأنّه عاجز عن المشي ، فأشبه البعيد .
وأمّا الزاد فلا بدّ من اشتراطه في حقّ القريب والبعيد ، فإن لم يجد زاداً لم يلزمه الحج ؛ لعجزه (٢) .
مسألة ٣٨ : الراحلة شرط في الحجّ للقادر على المشي والعاجز عنه ، وبه قال الشافعي (٣) ؛ لقوله عليه السلام لمّا سُئل عن تفسير السبيل : ( زاد وراحلة ) (٤) .
ويعتبر راحلةُ مِثْلِه ، فإن كان يستمسك على الراحلة من غير محمل ولا يلحقه ضرر ولا مشقّة شديدة ، فلا يعتبر في حقّه إلّا وجدان الراحلة لحصول الاستطاعة معها ، وإن كان لا يستمسك على الراحلة بدون المحمل أو يجد مشقّة عظيمة ، اعتبر مع وجود الراحلة وجود المحمل ، ولو كان يجد مشقّةً عظيمة
__________________
(١) زيادة يقتضيها السياق .
(٢) المغني ٣ : ١٧٠ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٩ .
(٣) فتح العزيز ٧ : ١٠ .
(٤) سنن الدارقطني ٢ : ٢١٨ / ١٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٣٠ .