أحدهما : عدم الإِجزاء ؛ لأنّه استناب وهو غير مأيوس منه ، فأشبه ما إذا برأ .
والثاني : الإِجزاء ؛ لأنّا تبيّنّا أنّ المرض كان مأيوساً منه حيث اتّصل الموت به (١) .
مسألة ٥٣ : قد بيّنّا أنّ من بذل طاعة الحج لغيره لا يجب على ذلك الغير القبول ، خلافاً للشافعي حيث أوجب القبول والإِذن للمطيع في الحجّ عنه .
ولو مات المطيع قبل أن يأذن له ، فإن كان قد أتى من الزمان ما يمكنه فعل الحجّ فيه ، استقرّ في ذمّته ، وإن كان قبل ذلك ، لم يجب عليه ؛ لأنّه قد بان أنّه لم يكن مستطيعاً .
وهل يلزم الباذل ببذله ؟ قال : إن كان قد أحرم لزم المضيّ فيه ، وإلّا فلا ، لأنّه لا يجب عليه البذل ، فلا يلزمه به حكم ؛ لأنّه متبرّع به (٢) .
وهذه كلّها ساقطة عندنا ؛ لأنّها مبنية على وجوب الحج بالطاعة ، وهو باطل ، لأنّ النبي صلّى الله عليه وآله سُئل ما يوجب الحجّ ؟ فقال : ( الزاد والراحلة ) (٣) .
ولو كان على المعضوب حجّتان : منذورة وحجة الإِسلام ، جاز له أن يستنيب اثنين في سنة واحدة ؛ لأنّهما فعلان متباينان لا ترتيب بينهما ، ولا يؤدّي ذلك إلى وقوع المنذورة دون حجّة الإِسلام ، بل يقعان معاً ، فأجزأ ذلك ، بخلاف ما إذا ازدحم الفرضان على واحد .
__________________
(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٤ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٠٦ ، المجموع ٧ : ١١٦ ، فتح العزيز ٧ : ٤٢ .
(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٥ و ٤٦ ، المجموع ٧ : ٩٥ و ٩٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ١١ .
(٣) سنن الترمذي ٣ : ١٧٧ / ٨١٣ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٦٧ / ٢٨٩٦ ، سنن الدارقطني ٢ : ٢١٥ ـ ٣ .