مسألة ٢٧١ : لا يجوز للمُحْرم ولا للمُحلّ أن يحلقا رأس المُحْرم مع علمهما بحاله إجماعاً ؛ لقوله تعالىٰ : ( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ ) (١) .
والمراد : أن لا يحلقه بنفسه ولا بغيره ، بل انصراف ذلك إلىٰ الغير أولىٰ ، فإنّ الإِنسان لا يمكنه أن يحلق رأس نفسه إلّا نادراً .
ولا فدية علىٰ واحد منهما عَلِما أو جَهِلا ، أذن لهما أو لا ؛ لأصالة براءة الذمّة ، والتحريم لا يستلزم الفدية ، كما في كثيرٍ من المحرّمات .
وقال أبو حنيفة : إذا كان الحالق مُحلاً ، وجب عليه صدقة نصف صاع ، وعلىٰ المُحْرم فدية ، وإن كان مُحْرماً ، فإن كان بإذنه ، فعلىٰ الآذن الفدية ، وعلىٰ الحالق صدقة (٢) .
وقال الشافعي : إذا حلق الحلال أو الحرام شعر الحرام ، فقد أساء .
ثم إن حلق بأمره ، فالفدية علىٰ المحلوق ؛ لأنّ فعل الحالق بأمره يضاف إليه ، ألا ترىٰ (٣) أنّه لو حلف لا يحلق رأسه فأمر غيره ، فحَلَق ، يحنث في يمينه .
ولأنّ يده ثابتة علىٰ الشعر ، وهو مأمور بحفظه إمّا علىٰ سبيل الوديعة أو العارية ، وكلاهما إذا تلف في يده بأمره يضمن .
وإن حلق لا بأمره يُنظر إن كان نائماً أو مكرهاً أو مغمىٰ عليه ، فقولان :
أصحّهما : أنّ الفدية علىٰ الحالق ـ وبه قال مالك وأحمد ـ لأنّه المقصّر ولا تقصير من المحلوق .
والثاني ـ وبه قال أبو حنيفة ـ أنّها علىٰ المحلوق ؛ لأنّه المرتفق به (٤) .
__________________
(١) البقرة : ١٩٦ .
(٢) الهداية ـ للمرغيناني ـ ١ : ١٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٩٦ ، المجموع ٧ : ٣٤٥ .
(٣) في النسخ الخطيّة والحجرية : فإنّ الأقوىٰ ، بدل ألا ترىٰ ، وما أثبتناه من فتح العزيز .
(٤)
فتح العزيز ٧ : ٤٦٩ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٢٠ ، المجموع ٧ : ٣٤٥ ـ ٣٤٦ ،
=