وأصحاب الشافعي بنوا القولين علىٰ أنّ استحفاظ الشعر في يد المُحْرم جارٍ مجرىٰ الوديعة أو مجرىٰ العارية .
وفيه جوابان :
إن قلنا بالأول ، فالفدية علىٰ الحالق ، كما أنّ ضمان الوديعة علىٰ المُتْلف دون المُودع ، وإن قلنا بالثاني ، وجبت علىٰ المحلوق وجوبَ الضمان علىٰ المستعير .
قالوا : والأول أظهر ؛ لأنّ العارية هي التي يمسكها لمنفعة نفسه ، وقد يريد المُحْرم الإِزالة دون الإِمساك .
وأيضاً فإنّه لو احترق شعره بتطاير الشرر ولم يقدر علىٰ التطفئة ، فلا فدية عليه ، ولو كان كالمستعير ، لوجبت عليه الفدية .
قالوا : فإن قلنا : الفدية علىٰ الحالق ، فإن فدىٰ ، فلا بحث ، وإن امتنع مع القدرة ، فهل للمحلوق مطالبته بإخراجها ؟ فيه وجهان : فالأكثر علىٰ أنّ له ذلك ، بناءً علىٰ أنّ المُحْرم كالمودع خصم فيما يؤخذ منه ويتلف في يده .
وإذا أخرج المحلوق [ الفدية ] (١) بإذن الحالق ، جاز ، وبغير إذنه لا يجوز في أصحّ الوجهين ، كما لو أخرجها أجنبي بغير إذنه .
وإن قلنا : الفدية علىٰ المحلوق ، فإن فدىٰ بالهدي أو الطعام ، رجع بأقلّ الأمرين من الطعام أو قيمة الشاة علىٰ الحالق ، ولا يرجع بما زاد ؛ لأنّ الفدية علىٰ التخيير ، وهو متطوّع بالزيادة .
وإن فدىٰ بالصوم ، فوجهان : أظهرهما : لا ، وعلىٰ الثاني بِمَ يرجع ؟ وجهان :
__________________
=
حلية العلماء ٣ : ٣٠٢ و ٣٠٤ ، المغني ٣ : ٥٣٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٣ .
(١) أضفناها من المصدر .