حمله من بلده كذا تعتبر قدرته على الآلات والأوعية التي يحتاج إليها كالغرائر (١) ونحوها ، وأوعية الماء من القِرَب وغيرها ، وجميع ما يحتاج إليه ، كالسُّفرة وشبهها ؛ لأنّه ممّا لا يستغني عنه ، فأشبه علف البهائم .
وكذا يشترط وجود راحلة تصلح لمثله على ما بيّنّا إمّا بشراء أو باُجرة لذهابه وعوده ، ويجد ما يحتاج إليه من آلتها التي تصلح لمثله .
فإن كان ممّن يكفيه الرحل والقتب ولا يخشى السقوط ، أجزأ وجود ذلك ، وإن كان ممّن لم تجر عادته بذلك ويخشى السقوط عنهما ، يعتبر وجود محمل وما أشبهه ممّا لا مشقّة في ركوبه ولا يخشى السقوط عنه ؛ لأنّ الراحلة إنّما اعتبرت في حقّ القادر على المشي لدفع المشقّة عنه ، فيجب أن يعتبر هنا ما تندفع به المشقّة .
وإن كان ممّن لا يقدر على خدمة نفسه والقيام بأمره ، اعتبرت القدرة على من يخدمه ؛ لأنّه من سبيله .
مسألة ٤٢ : يعتبر أن تكون هذه الأشياء التي ذكرناها فاضلةً عمّا يحتاج إليه لنفقة عياله الذين تلزمه مؤونتهم في سفره ذاهباً وعائداً ؛ لما رواه العامة عن النبي صلّى الله عليه وآله ، أنّه قال : ( كفى بالمرء إثماً أن يضيعَ من يقوت ) (٢) .
ومن طريق الخاصة : ما رواه أبو الربيع الشامي ، قال : سُئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول الله عزّ وجلّ : ( وَلِلَّهِ علىٰ النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ) فقال : « ما يقول الناس ؟ » قال : فقيل له : الزاد والراحلة ، قال : فقال أبو عبد الله عليه السلام : « قد سُئل أبو جعفر عليه السلام عن هذا ، فقال : هلك الناس إذن ، لئن كان كلّ من له زاد وراحلة قدر ما يقوت
__________________
(١) الغرائر جمع ، واحدتها ، غِرارة ، وهي الجُوالق . لسان العرب ٥ : ١٨ .
(٢) سنن أبي داود ٢ : ١٣٢ / ١٦٩٢ ، سنن البيهقي ٧ : ٤٦٧ و ٩ : ٢٥ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١٢ : ٣٨٢ / ١٣٤١٤ ، مسند أحمد ١٢ : ١٦٠ .