وبنى بعضهم القولين على أصل التبيّن ، فإن قلنا به ، فلا دم عليه ، وإن قلنا بانعقاد إحرامه نفلاً ثم انقلب فرضاً ، لزم الدم (١) .
والطريق الثاني : أنّه لا دم عليه (٢) .
وهذا الخلاف عندهم فيما إذا لم يَعُدْ بعد البلوغ إلى الميقات ، فإن عاد إليه ، لم يلزمه الدم بحال ؛ لأنّه أتى بالممكن أوّلاً وأخيراً ، وبذل ما في وسعه (٣) .
وقد بيّنّا مذهبنا في ذلك .
مسألة ٢٧ : لو بلغ الصبي أو اُعتق العبد قبل الوقوف أو في وقته وأمكنهما الإِتيان بالحجّ ، وجب عليهما ذلك ؛ لأنّ الحجّ واجب على الفور ، فلا يجوز لهما تأخيره مع إمكانه كالبالغ الحُرّ ، خلافاً للشافعي (٤) .
ومتى لم يفعلا الحجّ مع إمكانه ، فقد استقرّ الوجوب عليهما ، سواءً كانا موسرين أو معسرين ؛ لأنّ ذلك وجب عليهما بإمكانه في موضعه ، فلم يسقط بفوات القدرة بعده .
مسألة ٢٨ : المجنون لا يجب عليه الحجّ بالإِجماع ، لأنّه ليس محلّاً للتكليف ؛ لما رواه العامة عن علي عليه السلام أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله ، قال : ( رُفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى ينبت ، وعن المعتوه حتى يعقل ) (٥) .
ومن طريق الخاصة : ما رواه محمد بن يحيى الخثعمي ، قال : سأل
__________________
(١) فتح العزيز ٧ : ٤٢٩ ـ ٤٣٠ .
(٢ و ٣) فتح العزيز ٧ : ٤٣٠ ، المجموع ٧ : ٥٩ .
(٤) الحاوي الكبير ٤ : ٢٤ ، المجموع ٧ : ١٠٢ و ١٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٤٣ .
(٥) سنن الترمذي ٤ : ٣٢ / ١٤٢٣ ، وأوردها عنه ابنا قدامة في المغني ٣ : ١٦٥ ، والشرح الكبير ٣ : ١٦٦ ـ ١٦٧ ، وفيها : ( حتى يشب ) بدل ( حتى ينبت ) .