وقال بعض العامة : يصحّ نذره ؛ لأنّه مكلّف ، فانعقد نذره ، كالحُرّ ، ولسيده منعه من المضيّ فيه ؛ لما فيه من تفويت حقّ سيّده الواجب ، فيُمنع منه ، كما لو لم ينذر (١) .
وروي عن أحمد أنّه لا يُمنع من الوفاء به ؛ لما فيه من أداء الواجب (٢) .
واختلف أصحابه على قولين :
أحدهما : أنّ ذلك على الكراهية دون التحريم .
والثاني : التحريم ؛ لأنّه واجب فلم يملك منعه كسائر الواجبات (٣) .
وهو غلط ؛ لأنّا نمنع وجوبه .
فإن اُعتق ، وجب عليه الوفاء بما نذره بإذن مولاه ، وفي غيره الخلاف .
وتُقَدَّمُ حجّة الإِسلام مع وجوبها ، وإطلاق النذر أو تقييده بزمان متأخّر عن الاستطاعة .
البحث الثالث : في الاستطاعة
مسألة ٣٦ : الاستطاعة شرط في وجوب الحجّ والعمرة ، بإجماع العلماء وبالنصّ :
قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ علىٰ النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ) (٤) دلّ بمفهومه على سقوطه عن غير المستطيع .
ولا نعلم في ذلك خلافاً ، ولقضاء الضرورة بقبح تكليف غير القادر .
إذا عرفت هذا ، فنقول : الاستطاعة المشترطة في الآية هي الزاد والراحلة ، بإجماع علمائنا ، وبه قال الحسن البصري ومجاهد وسعيد بن جبير والشافعي وأحمد وإسحاق (٥) .
__________________
(١ ـ ٣) المغني ٣ : ٢٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٤ .
(٤) آل عمران : ٩٧ .
(٥) المغني ٣ : ١٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٨ .