الحج قبل الطواف (١) .
مسألة ١٢٧ : أجمع علماؤنا كافة على أنّ فرض من نأى عن مكة التمتّع لا يجوز لهم غيره إلّا مع الضرورة ، وأمّا النوعان الآخران فهما فرض أهل مكة وحاضريها .
وعندنا أنّه لا يجوز لهم غير هذين النوعين ، وهو اختيار أكثر علمائنا (٢) ؛ لما رواه الحلبي ـ في الصحيح ـ عن الصادق عليه السلام ، قال : سألته عن الحج ، فقال : « تمتّع » ثم قال : « إنّا إذا وقفنا بين يدي الله تعالى قلنا : يا ربّنا أخذنا بكتابك وقال الناس : برأينا ورأينا (٣) ، ويفعل الله بنا وبهم ما أراد » (٤) .
وأمّا أهل مكة وحاضريها ـ وهو مَنْ كان بينه وبين مكة دون ثمانية وأربعين ميلاً ـ فإنّ فرضهم القران أو الإِفراد دون التمتّع ؛ لما رواه الحلبي وسليمان ابن خالد وأبو بصير ـ في الصحيح ـ عن الصادق عليه السلام ، قال : « ليس لأهل مكة ولا لأهل مر ولا لأهل سرف متعة ، وذلك لقول الله عزّ وجلّ : ( ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) (٥) » (٦) .
وفي الصحيح عن زرارة عن الباقر عليه السلام ، قال : قلت له : قول الله عزّ وجلّ في كتابه : ( ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) قال : « يعني أهل مكة ليس عليهم متعة ، كلّ من كان أهله دون ثمانية وأربعين
__________________
(١) المغني ٣ : ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، المهذب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٧ : ١٧١ .
(٢) منهم : الشيخ الطوسي في النهاية : ٢٠٦ ، والسيد ابن زهرة في الغنية ( ضمن الجوامع الفقهية ) : ٥١١ ، وابن ادريس في السرائر : ١٢١ .
(٣) في المصدر : « رأينا رأينا » .
(٤) التهذيب ٥ : ٢٦ / ٧٦ ، الاستبصار ٢ : ١٥٠ ـ ١٥١ / ٤٩٤ .
(٥) البقرة : ١٩٦ .
(٦) التهذيب ٥ : ٣٢ / ٩٦ ، الاستبصار ٢ : ١٥٧ / ٥١٤ .