أحدهما : أنّه يُحرم بعمرة ؛ لفوات وقت الإِحرام بالحجّ ، ثم يطوف ويسعى ، فيقعان عن الحجّ ولا يبيت ولا يرمي ؛ فإنّهما ليسا من أعمال العمرة ، لكنهما يجبران بالدم .
والأصح عندهم : أن يُحرم بالحجّ أيضاً ، ويأتي ببقية الأعمال ؛ لأنّه لو أحرم بالعمرة ، للزمه أفعال العمرة ، ولما انصرفت إلى الحجّ ، والإِحرام المبتدأ هو الذي يمنع تأخيره عن أشهر الحجّ ، وهذا ليس إحراماً مبتدأً ، وإنّما هو مبني على إحرام اُنشئ في وقته .
وعلى هذا فلو مات بين التحليلين ، أحرم النائب إحراماً لا يحرّم اللبس والقلم ، وإنّما يحرّم النساء ؛ لأنّ إحرام الأصل لو بقي لكان بهذه الصفة .
هذا كلّه فيما إذا مات قبل حصول التحليلين ، فأمّا إذا مات بعد حصولهما ، فقد قال بعضهم : لا يجوز البناء والحال هذه ؛ إذ لا ضرورة إليه ، لإِمكان جبر ما بقي من الأعمال بالدم (١) .
مسألة ١١٣ : لو مات الأجير ، فعندنا قد تقدّم حكمه .
وأمّا الشافعي فقد قال : إن كان قد مات بعد الشروع في الأركان وقبل الفراغ منها فهل يستحقّ شيئاً من الاُجرة ؟ فيه قولان :
أحدهما : لا يستحق ؛ لأنّه لم يسقط الفرض عن المستأجر ، وهو المقصود ، فأشبه ما لو التزم له مالاً ليردّ عبده الآبق فردّه بعض الطريق ثم هرب .
والثاني : نعم ؛ لأنّه عمل بعض ما استؤجر له ، فاستحقّ بقسطه من الاُجرة ، كما لو استؤجر لخياطة ثوب فخاط بعضه .
ثم اختلفوا فبعضهم بنى القولين هنا على القولين في أنّه هل يجوز البناء على الحجّ ؟ إن قلنا : لا ، فلا شيء له ؛ لأنّ المستأجر لم ينتفع بعمله ، وإن
__________________
(١) فتح العزيز ٧ : ٦٨ ـ ٦٩ ، المجموع ٧ : ١٣٥ .