كما لو ترك الوقوف بعرفة .
وقالت العامّة : يجبره بدم ، ويُحْرم من موضعه ؛ لما رواه ابن عباس : أنّ النبي صلّى الله عليه وآله قال : ( من ترك نسكاً فعليه دم ) (١) .
ونحن إنّما نثبت العموم لو قلنا بصحة الحج ، وهو ممنوع .
ولو أحرم من موضعه مع تركه عامداً قادراً ، لم يجزئه على ما بيّنّاه ، ولو عاد إلى الميقات فكذلك ما لم يجدّد الإِحرام ؛ لأنّ الأول لم ينعقد ، فجرى مجرى الإِخلال بالإِحرام .
ولا فرق في بطلان الحج بين أن يكون عدم التمكّن من الرجوع لمرض أو خوف أو ضيق الوقت .
مسألة ١٥٤ : لو ترك الإِحرام عامداً فقد قلنا بوجوب الرجوع ، فإن رجع إلى الميقات وأحرم منه ، فلا دم عليه ، سواء رجع بعد التلبّس بشيء من أفعال الحج ، كطواف القدوم مثلاً ، أو الوقوف ، أو لم يتلبّس ـ وبه قال عطاء والحسن والنخعي (٢) ـ لأنّ إحرامه من موضعه لا اعتداد به ، وكذا ما فعله ، ومع الرجوع إلى الميقات يصح إحرامه ، والأصل براءة الذمّة من الدم .
ولأنّه رجع إلى الميقات وأحرم منه ، فلا شيء عليه ، كما لو لم يفعل شيئاً من مناسك الحج .
وقال الشافعي : إن رجع قبل التلبّس ، فلا شيء عليه ، وإن رجع بعد التلبّس ، وجب عليه دم (٣) ؛ لأنّه أحرم من دون الميقات فوجب الدم ، لكن برجوعه سقط ؛ لأنّه حصل في الميقات مُحْرماً قبل التلبّس بشيء من أفعال
__________________
=
٢٠٨ .
(١) الحاوي الكبير ٤ : ٧٣ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥ .
(٢) المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥ ، المجموع ٧ : ٢٠٨ .
(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٧٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢١٠ ، المجموع ٧ : ٢٠٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧١ ، فتح العزيز ٧ : ٩٢ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥ .