صنع الناس ، ولكنّي سُقْتُ الهدي ، فلا يحلّ مَنْ ساق الهدي حتى يبلغ الهدي محلّه ، فقصّر الناس وأحلّوا وجعلوها عمرةً ، فقام اليه سراقة بن مالك ابن جُشْعم المدلجي ، فقال : يا رسول الله هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم للأبد ؟ فقال : لا (١) ، للأبد الى يوم القيامة ، وشبّك أصابعه ، وأنزل الله في ذلك قرآناً ( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلىٰ الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٢) » (٣) .
وفي الصحيح عن أبي أيّوب إبراهيم بن عيسى عن الصادق عليه السلام ، قال : سألته أيّ الأنواع أفضل ؟ فقال : « المتعة ، وكيف يكون شيء أفضل منها ورسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : لو استقبلت من أمري ما استدبرت فعلت كما فعل الناس ! » (٤) .
ولأنّ التمتّع منصوص عليه في كتاب الله تعالى ؛ لقوله : ( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلىٰ الْحَجِّ ) دون سائر الأنساك .
ولأنّ المتمتّع يجتمع له الحج والعمرة في أشهر الحج مع كمالهما وكمال أفعالهما على وجه اليسر والسهولة .
وذهب الثوري وأصحاب الرأي الى أنّ القران أفضل ؛ لما رواه أنس قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله أهلّ بهما جميعاً يصرخ بهما صُراخاً يقول : ( لبّيك عمرةً وحجّاً ، لبّيك عمرةً وحجّاً ) (٥) .
__________________
(١) في المصدر بدل « لا » : « بل » .
(٢) البقرة : ١٩٦ .
(٣) التهذيب ٥ : ٢٥ / ٧٤ .
(٤) التهذيب ٥ : ٢٩ / ٨٩ ، الاستبصار ٢ : ١٥٤ / ٥٠٧ .
(٥) المغني ٣ : ٢٣٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٣٩ ـ ٢٤٠ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ٢٥ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ٢١١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ٤٤ ، المجموع ٧ : ١٥٢ ، معالم السنن ـ للخطابي ـ ٢ : ٣٠١ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ١ : ٢٨٥ ، وراجع : صحيح مسلم ٢ : ٩١٥ / ١٢٥١ ، وسنن أبي داود ٢ : ١٥٧ / ١٧٩٥ ، وسنن النسائي ٥ : ١٥٠ ، وسنن البيهقي ٥ : ٩ ، ومسند أحمد ٣ : ٩٩ .