( ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) (١) والمعنى فيه أنّ الحاضر بمكة ميقاته للحج مكة ، فلا يكون بالتمتّع رابحاً ميقاتاً .
الثاني : أن يُحْرم بالعمرة في أشهر الحج ، فلو أحرم وفرغ من أعمالها قبل أشهر الحج ثم حجّ ، لم يلزمه الدم ؛ لأنّه لم يجمع بين الحجّ والعمرة في وقت الحجّ ، فأشبه المفرد لمّا لم يجمع بينهما لم يلزمه دم ؛ لأنّ دم التمتّع منوط من جهة المعنى بأمرين :
أحدهما : ربح ميقات ، كما سبق .
والثاني : وقوع العمرة في أشهر الحجّ ، وكانوا لا يزحمون الحجّ بالعمرة في وقت إمكانه ، ويستنكرون ذلك ، فورد التمتّع رخصةً وتخفيفاً ؛ إذ الغريب قد يرد قبل عرفة بأيّام ، ويشقّ عليه استدامة الإِحرام لو أحرم من الميقات ، ولا سبيل إلى مجاوزته ، فجُوّز أن يعتمر ويتحلّل .
ولو أحرم بها قبل أشهر الحج وأتى بجميع أفعالها في أشهر الحجّ ، فللشافعي قولان :
أحدهما : يلزمه الدم ـ قاله في القديم ـ لأنّه حصل له المزاحمة في الأفعال وهي المقصودة ، والإِحرام كالتمهيد لها .
وأصحّهما : لا يلزم ـ وبه قال أحمد (٢) ـ لأنّه لم يجمع بين النسكين في أشهر الحجّ ؛ لتقدّم أحد أركان العمرة عليها .
وقال مالك : مهما حصل التحلّل في أشهر الحجّ وجب الدم (٣) .
وقال أبو حنيفة : إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في الأشهر ، كان متمتّعاً (٤) .
وإذا لم نوجب دم التمتّع في هذه الصورة ، ففي وجوب دم الإِساءة
__________________
(١) البقرة : ١٩٦ .
(٢) الشرح الكبير ٣ : ٢٤٦ ، فتح العزيز ٧ : ١٣٩ ـ ١٤٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١ .
(٣) فتح العزيز ٧ : ١٤١ ـ ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١ .
(٤) فتح العزيز ٧ : ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦١ .