حكم النظر إلى الوجه والكفّين كذلك (١) جدّاً ، وهو مخالف للبديهة قطعاً ؛ لاتّفاق المسلمين على ثبوت المنع في النظر إليهما مطلقاً ، وخفاؤه في النظر إلى الوجه والكفّين ، بحيث ذهب الأكثر إلى حِلّه في الجملة أو مطلقاً.
ويدلّ على أوضحيّة حكم النظر منعاً منه كذلك في الوجه والكفّين أيضاً : تجويزهم النظر إليهما لمريد التزويج المتمكّن منه ، واختلافهم في تجويزه إلى الشعر كما مضى (٢) ، وليس هذا إلاّ لما ذكرنا كما لا يخفى.
ولو لم يكن في المسألة دليل على الجواز غير فحاوى هذه الأخبار لكفانا ؛ لحصول الظنّ القويّ القريب من القطع بكون الحكم فيها الجواز ، فلا ينبغي أن يرتاب فيه ، وإن كان الأحوط : الترك مهما أمكن ، من باب التسامح في أدلّة السنن.
هذا ، مضافاً إلى النصوص الواردة في كتاب الحجّ في باب : ما يجوز أن تلبسه المحرمة من الثياب ، وهي كثيرة :
منها الصحيح : « مرّ أبو جعفر عليهالسلام بامرأة متنقّبة وهي محرمة ، فقال : أحرمي وأسفري وأرخِ ثوبكِ من فوق رأسك ، فإنّك إن تنقّبتِ لم يتغيّر لونك ، فقال رجل : إلى أين ترخيه؟ فقال : تغطّي عينيها » الحديث (٣).
والصحيح : « تسدل الثوب على وجهها » قلت : حدّ ذلك إلى أين؟ قال : « إلى طرف الأنف قدر ما تبصر » (٤).
__________________
(١) أي منعاً. منه رحمهالله.
(٢) راجع ص ٤٠.
(٣) الكافي ٤ : ٣٤٤ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٧٤ / ٢٤٥ ، الوسائل ١٢ : ٤٩٤ أبواب تروك الإحرام ب ٤٨ ح ٣.
(٤) الكافي ٤ : ٣٤٤ / ١ ، التهذيب ٥ : ٧٣ / ٢٤٣ ، الوسائل ١٢ : ٤٩٣ أبواب تروك الإحرام ب ٤٨ ح ٢.