والتحقيق أن يقال : إنّ لكلّ من هذه الصحاح والصحاح المتقدّمة وجه رجحان ومرجوحيّة ، بقوة الدلالة ، ومخالفة الشهرة ، والاشتمال على ما لا يقول بها الطائفة ، في هذه ؛ وبمقابل الأُمور المزبورة في السابقة ، وحيث لا مرجّح فليتوقّف ، ومقتضاه المصير إلى القول الأول ؛ التفاتاً إلى الأُصول المتقدّمة.
ومنه ينقدح وجه القدح في القول بالتفصيل : باختيار الأول مع إطلاق الوصيّة من دون تنصيص بالولاية في التزويج ، واختيار الثاني مع عدمه والتنصيص ، كما عن الخلاف (١).
ويزيد القدح فيه بعدم الدليل عليه في البين ، واستلزامه الخروج عن إطلاق أخبار الطرفين ، والجمع بينهما بذلك فرع وجود شاهد عليه ، وعموم ( فَمَنْ بَدَّلَهُ ) الآية (٢) ، مخصوص بمورده ، وهو التوصية للوالدين والأقربين لمن ترك خيراً ؛ لاشتماله على الضمير الموجب له.
وبالجملة : لا ريب في ضعف هذا القول ، كاستثناء صورة خاصّة من إطلاق المنع ، أشار إليها بقوله : ( إلاّ من بلغ فاسد العقل مع اعتبار المصلحة ).
لضعف ما قيل (٣) في توجيهه من الضرورة ، مع عدم توقّع زوال العذر ، وخوف المرض ، أو الوقوع في الزناء ، ولذا ثبت الولاية عليه للحاكم مع عدم ثبوتها له على الصغير ؛ لاندفاع جميع ما ذكر بولاية الحاكم ، كاندفاعه بولايته فيمن بلغ صحيح العقل ثم فسد.
__________________
(١) الخلاف ٤ : ٢٥٤.
(٢) البقرة : ١٨١.
(٣) انظر كشف اللثام ٢ : ١٥.