الثانية ، وإن نظرنا إلى المآل ، عكسنا الحكم فيهما .
وقد شبّهوا القولين هنا بالقولين فيما إذا رأوا سواداً فظنّوه عدوّاً فصلّوا صلاة الخوف ثم تبيّن خلافه ، هل تجزئهم الصلاة ؟ والأظهر عندهم : عدم الإِجزاء (١) .
والمعتمد عندنا : الإِجزاء .
إذا عرفت هذا ، فإن قلنا : إنّ الحجّة المأتي بها تجزئه ، استحقّ الأجير الأُجرة المسمّاة لا محالة .
وإن قلنا : لا تجزئه ، فهل تقع عن تطوّعه أو لا تقع أصلاً ؟ فيه وجهان للشافعية :
أحدهما : أنّها تقع عن تطوّعه ، وتكون العلّة الناجزة عذراً لتقديم التطوّع على حجّة الإِسلام .
والثاني : أنّها لا تقع عنه أصلاً ، كما لو استأجر صرورة ليحجّ عنه (٢) .
وعلى هذا فهل يستحقّ الأجير الأُجرة ؟ فيه للشافعية قولان :
أصحهما : عدم الاستحقاق ؛ لأنّ المستأجر لم ينتفع بعمله .
والثاني : نعم ، لأنّه عمل له في اعتقاده (٣) .
فعلى هذا الوجه فماذا يستحقّ ؟ الأُجرة المسمّاة أم اُجرة المثل ؟ للشافعية وجهان ، مأخذهما : إنّا هل نتبيّن فساد الاستئجار أم لا ؟
وإن قلنا : إنّه يقع عن تطوّعه ، فالأجير يستحقّ الأُجرة .
وماذا يستحقّ ؟ المسمّى أو اُجرة المثل ؟ وجهان مخرّجان عن الوجهين ؛ لأنّ الحاصل غير ما طلبه (٤) .
وقد منع الشافعية من جواز الحجّ عن المعضوب بغير إذنه ، بخلاف
__________________
(١) فتح العزيز ٧ : ٤٢ ـ ٤٣ ، المجموع ٧ : ١١٥ .
(٢ ـ ٤) فتح العزيز ٧ : ٤٣ ، المجموع ٧ : ١١٥ .