منها شيء فلم يردّه عليّ ، قال : « هو له ، ولعلّه ضيّق على نفسه » (١) .
ولأنّ عقد الإِجارة سبب لتملّك الاُجرة مع الإِتيان بما وقع عليه الإِجارة وقد وجد السبب فيوجد المسبّب .
ولو قصرت الاُجرة عن النفقة ، لم يجب على المستأجر الإِتمام ، بل يستحب ، لاشتماله على المساعدة للمؤمن وإعانته على طاعته والإِنفاق على أفضل العبادات ، وليس واجباً ؛ عملاً بالأصل .
وأبو حنيفة منع من الإِجارة ، فيكون الأجير نائباً محضاً ، وما يدفع إليه من المال يكون رزقاً لطريقة (٢) .
فلو مات أو اُحصر أو ضلّ الطريق أو صُدّ ، لم يلزمه الضمان لما أنفق عليه ؛ لأنّه إنفاق بإذن صاحب المال .
فإذا ناب عنه آخر ، فإنّه يحج من حين بلغ النائب الأول ؛ لأنّه حصل قطع هذه المسافة بمال المنوب عنه ، فلم يكن عليه الإِنفاق دفعة اُخرى ، ويردّ النائب ما فضل معه من المال ، ولا يُسرف ولا يقتر على نفسه ولا يمشي ولا يدعو إلى طعامه ولا يتفضّل ، أمّا لو أعطاه ألفاً وقال : حجّ بهذه ، كان له أن يتوسّع فيها ، وإن فضل شيء فهو له .
ولو سلك النائب طريقاً يمكنه سلوك أقرب منه ، كان الفاضل من النفقة في ماله . وإن تعجّل عجلة يمكنه تركها فكذلك .
وإن أقام بمكة أكثر من مدّة القصر بعد إمكان السفر للرجوع ، أنفق من ماله ، لأنّه غير مأذون فيه ، فأمّا من لا يمكنه الخروج قبل ذلك فله النفقة ؛ لأنّه مأذون فيه ، وله نفقة الرجوع .
وإن مرض في الطريق فعاد ، فله نفقة رجوعه ؛ لأنّه لا بدّ له منه حصل
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٤١٤ ـ ٤١٥ / ١٤٤٢ .
(٢) المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ١٥٩ ، المغني ٣ : ١٨٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٥ ، المجموع ٧ : ١٣٩ .