إذا عرفت هذا ، فإنّه لا فرق بين أن يستر رأسه بمخيط ، كالقلنسوة ، أو بغير مخيط ، كالعمامة والإِزار والخرقة وكلّ ما يعدّ ساتراً ، وإذا ستر ، لزمه الفداء ؛ لأنّه باشر محظوراً ، كما لو حلق ، وإذا غطّىٰ رأسه ، ألقى الغطاء واجباً ، وجدّد التلبية مستحبّاً .
ولو توسّد بوسادة فلا بأس ، وكذا لو توسّد بعمامة مكورة (١) ؛ لأنّ المتوسّد يطلق عليه عرفاً أنّه مكشوف الرأس .
ولا فرق في التحريم بين تغطية الرأس بالمعتاد ، كالعمامة والقلنسوة ، أو بغيره ، كالزنبيل والقرطاس ، أو خضب رأسه بحنّاء ، أو طيّنه بطين ، أو حمل علىٰ رأسه متاعاً أو مكتلاً أو طبقاً ونحوه عند علمائنا .
وذكر الشافعي عن عطاء أنّه لا بأس به ، ولم يعترض عليه (٢) .
وهو يُشعر بموافقته ؛ إذ من عادته الردّ علىٰ المذهب الذي لا يرتضيه .
وقال ابن المنذر وجماعة من الشافعية : إنّه نصّ في بعض كتبه علىٰ وجوب الفدية (٣) ، فبعض الشافعية قطع بالأول ولم يُثبت الثاني (٤) ، وبعضهم قال : إنّ في المسألة قولين (٥) .
ووافقنا أبو حنيفة (٦) على التحريم ووجوب الفدية ؛ لأنّه غطّىٰ رأسه بما يستره ، فوجبت الفدية ، كغيره .
احتجّ الآخرون : بأنّه قصد نقل المتاع لا تغطية الرأس .
ولو ستر رأسه بيديه ، فلا شيء عليه ؛ لأنّ الستر بما هو متّصل به لا يثبت له حكم الستر . وكذا لو وضع يديه علىٰ فرجه ، لم يجزئه في الستر .
__________________
(١) كَوْر العمامة : إدارتها علىٰ الرأس . لسان العرب ٥ : ١٥٥ « كور » .
(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٣٥ ، المجموع ٧ : ٢٥٣ .
(٣) الحاوي الكبير ٤ : ١٠٢ ، فتح العزيز ٧ : ٤٣٥ ، المجموع ٧ : ٢٥٣ .
(٤ و ٥) فتح العزيز ٧ : ٤٣٥ ، المجموع ٧ : ٢٥٢ ـ ٢٥٣ .
(٦) انظر : فتح العزيز ٧ : ٤٣٥ .