الرضا عليهالسلام ، وذكر الحديث (١٠).
٥٠٩ / ٣ ـ علي بن إبراهيم ، قال : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبدالله عليهالسلام ، قال : «إن رجلا من خيار بني إسرائيل وعلمائهم خطب امرأة منهم فأنعمت له ، وخطبها ابن عم لذلك الرجل ، وكان فاسقا رديئا ، فلم ينعموا له ، فحسد ابن عمه الذي أنعموا له (١) ، فقعد له فقتله غيلة ، ثم حمله إلى موسى. فقال : يا نبي الله ، هذا ابن عمي قد قتل. قال موسى : من قتله؟ قال : لا أدري.
وكان القتل في بني إسرائيل عظيما جدا ، فعظم ذلك على موسى ، فاجتمع إليه بنو إسرائيل ، فقالوا : ما ترى ، يا نبي الله؟ وكان في بني إسرائيل رجل له بقرة ، وكان له ابن بار ، وكان عند ابنه سلعة ، فجاء قوم يطلبون سلعته ، وكان مفتاح بيته تحت رأس أبيه ، وكان نائما ، فكره ابنه أن ينبهه وينغص عليه (٢) نومه ، فانصرف القوم ولم يشتروا سلعته. فلما انتبه أبوه ، قال له : يا بني ، ماذا صنعت في سلعتك؟ قال : هي قائمة لم أبعها ، لأن المفتاح كان تحت رأسك ، فكرهت أن أنبهك ، وأنغص عليك نومك. قال له أبوه : قد جعلت هذه البقرة لك ، عوضا عما فاتك من ربح سلعتك ؛ وشكر الله لابنه ما فعل بأبيه.
فأمر موسى بني إسرائيل ، أن يذبحوا تلك البقرة بعينها ، فلما اجتمعوا إلى موسى ، وبكوا وضجوا ، قال لهم موسى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) فتعجبوا (قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً) نأتيك بقتيل ، فتقول : اذبحوا بقرة! فقال لهم موسى : (أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) فعلموا أنهم قد أخطؤوا.
(قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ) الفارض : التي قد ضربها الفحل ، ولم تحمل ؛ والبكر : التي لم يضربها الفحل. (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها) أي شديدة الصفرة (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) إليها. (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ * قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ) أي لم تذلل (وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) أي ولا تسقي الزرع (مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها) أي لا بقع (٣) فيها إلا الصفرة. (قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِ) هي بقرة فلان ، فذهبوا ليشتروها ، فقال : لا أبيعها إلا بملء جلدها ذهبا.
فرجعوا إلى موسى فأخبروه ، فقال لهم موسى : لا بد لكم من ذبحها بعينها ؛ فاشتروها بملء جلدها ذهبا ، فذبحوها ، ثم قالوا : ما تأمرنا ، يا نبي الله. فأوحى الله تعالى إليه : قل لهم : (اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها) وقولوا : من قتلك؟
فأخذوا الذنب فضربوه به ، وقالوا : من قتلك يا فلان؟ فقال : فلان بن فلان ، ابن عمي ـ الذي جاء به ـ وهو قوله : (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)».
__________________
(١٠) تفسير العيّاشي ١ : ٤٦ / ٥٧.
٣ ـ تفسير القمّي ١ : ٤٩.
(٢) أنعم له : أي قال له : نعم. «الصحاح ـ نعم ـ ٥ : ٢٠٤٣».
(٣) نغّض علينا : قطع علينا ما كنا نحبّ الاستكثار منه. «لسان العرب ـ نغص ـ ٧ : ٩٩».
(٤) في المصدر : لا نقط.