قال : فبلغه ذلك ، فقال : «ويل لهم ، إني لأعرف ناسخه من منسوخه ، ومحكمه من متشابهه ، وفصله من فصاله ، وحروفه من معانيه. والله ما من حرف نزل على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا أني أعرف فيمن نزل ، وفي أي يوم ، وفي أي موضع.
ويل لهم ، أما يقرءون (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى * صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) (٢) والله عندي ، ورثتهما من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد أنهى لي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم [صحف] إبراهيم وموسى عليهماالسلام.
ويل لهم ـ والله ـ أنا الذي أنزل الله في : (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (٣) ، فإنما كنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيخبرنا بالوحي فأعيه أنا ومن يعيه ، فإذا خرجنا قالوا : ما ذا قال آنفا؟».
١٠٨ / ١٤ ـ عن سليم بن قيس الهلالي ، قال : سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : «ما نزلت آية على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا أقرأنيها ، وأملاها علي ، فأكتبها بخطي ، وعلمني تأويلها وتفسيرها ، وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، ودعا الله لي أن يعلمني فهمها وحفظها ، فما نسيت آية من كتاب الله ، ولا علما أملاه علي فكتبته منذ دعا لي ما دعا ، وما ترك شيئا علمه الله من حلال ولا حرام ، ولا أمر ولا نهي ، كان أو يكون ، (١) من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته ، فلم أنس منه حرفا واحدا.
ثم وضع يده على صدري ، ودعا الله أن يملأ قلبي علما وفهما وحكمة ونورا ، ولم أنس شيئا ، ولم يفتني شيء لم أكتبه.
قلت : يا رسول الله ، أو تخوفت علي (٢) النسيان فيما بعد؟ فقال : لست أتخوف عليك نسيانا ولا جهلا ، وقد أخبرني ربي أنه قد استجاب لي (٣) فيك ، وفي شركائك الذين يكونون من بعدك.
فقلت : يا رسول الله ، ومن شركائي من بعدي؟
فقال : الذين قرنهم الله بنفسه وبي ؛ فقال : الأوصياء مني إلى أن يردوا علي الحوض ، كلهم هاد مهتد ، لا يضرهم من خذلهم ، هم مع القرآن والقرآن معهم ، لا يفارقهم ولا يفارقونه ، بهم تنصر أمتي ، وبهم يمطرون ، وبهم يدفع عنهم ، وبهم استجاب دعاءهم.
فقلت : يا رسول الله ، سمهم لي؟ فقال لي : ابني هذا ـ ووضع يده على رأس الحسن عليهالسلام ـ ثم ابني هذا ـ ووضع يده على رأس الحسين عليهالسلام ـ ثم ابن له ، يقال له : علي ، وسيولد في حياتك ، فأقرئه مني السلام ، ثم تكملة اثني عشر من ولد محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
(٢) الأعلى ٨٧ : ١٨ ، ١٩.
(٣) الحاقّة ٦٩ : ١٢.
١٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ١٤ / ٢ ، كتاب سليم بن قيس : ٦٣ ، شواهد التنزيل ١ : ٣٥ / ٤١.
(١) في المصدر : أو لا يكون.
(٢) (عليّ) ليس في «ط».
(٣) (لي) ليس في «ط».