لا استفهامٌ (١) ، أَي لقالوا : لولا فُصِّلتْ آياتُهُ ثمّ أخبر فقال : الكلام الذي جاء أعجمي (٢) أَي قرآن وكلام أعجمي ولم يخرج مخرجَ الاستفهام على معنى التعجّبِ والإنكار على قراءة الكافّةِ ، وهذا كقولِك للآمرِ بالمعروف التارك لاستعمالهِ : أراك تأمر بشيء ولا تفعله ، وعلى قراءة الكافّة : أتأمر بالبِرِّ وتتركه؟ (٣)
جواز تقديم الخبر على المبتدأِ
بِمنَاسبةِ ذكرِ قراءة ابن مسعود : (وباطلاً مَا كانُوا يَعْمَلُونَ) (٤).
قال أبو الفتح : استدلّ أبو علي بذلك على جواز تقديم خبر كان عليها (٥). وعلى نحو من ذلك مَا (٦) استَدَلَّ أَبو علي على جوازِ تقديمِ خبر المبتدأ عليه (٧) بقولِ الشماخِ (٨) :
__________________
(١) يريد أَنَّه خبر لا إنشاء.
(٢) وبهذا أَخذَ الرازي في اللوامع. وعلى تقدير الفرّاء أعجمي مبتدأ مؤخّر ، أَي هلاّ فُصِّلَتْ آياته منها عربي يعرفه العربي ، وأَعجمي يفهمه الأعجمي. معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ١٩ والبحر المحيط : ٧ / ٥٠٢.
(٣) المحتسب : ٢ / ٢٤٨.
(٤) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ١٦ : (وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) بالرفع.
(٥) سنذكر هذا الاستدلال مفصّلاً في باب النواسخ.
(٦) ما : زائدة.
(٧) جوّز البصريون تقديم الخبر على المبتدأِ ومنع ذلك الكوفيون. انظر : الإنصاف : ١ / ٤٦.
(٨) قال الجرجاني في المقتصد : ٢٤٧. قال الشيخ أبو علي : وقد يجوز أن تقدم خبر المبتدأ فتقول منطلقٌ زيدٌ وضربتُهُ عمروٌ وتريدُ عمروٌ ضربتُهُ. ويدلُّ على جوازِ تقديمِهِ قولُ الشَّمَّاخِ :
كلا يومَيْ طُوالةَ وصلُ أروى |
|
ظُنُونٌ آنَ مُطَّرَحُ الظُّنُونِ |