قولُ رؤبة :
وقَاتِم الأعْمَاقِ خَاوي الُمخْتَرَق (١)
فَقَولُهُ خَاوي المختَرَق صفةٌ لِقَولِهِ : قَاتِمِ الأَعماقِ ، وهُو صِفةٌ لِموصوف محذوف أيْ وبلد قَاتمِ الأَعماقِ ، كَمَا أَنَّ قَولَهُ : وبَيداء ، ورُبَّ بَيداءَ ، ورُبَّ بلدة بيداءَ. فاعرفْ ذَلِك ، فَهَذَا أَحَدُ وجهَي قولِهِ : (ذَا مَسْغَبَة).
الصفة للموضع لا للّفظ
والآخر : أَنْ يَكونَ أَيضاً صفةً إلاّ أَنَّهُ صفةٌ لِمَوضِعِ الجارِّ والَمجرُورِ جميعاً ، وذلك أَنَّ قَولَهُ : (فِي يَوْم) ظرفٌ ، وهو مَنْصُوبُ الموضعِ ، فيكون وصفاً لَهُ عَلَى مَعْنَاهُ دُونَ لفظِهِ كَمَا جَازَ أنْ يُعطَفَ عَليهِ فِي مَعنَاهُ دُونَ لَفظِهِ في قوله :
أَلا حَيّ نَدْمَانِي عُمَيرَ بنَ عامر |
|
إذَا مَا تَلاَفِيَنا مِنَ اليومِ أَو غَدَا (٢) |
كَأَ نَّهُ قَالَ : اليومَ أَو غداً. وكَذَلِك قَولُ الآخر :
كَشْحاً طَوَى مِنْ بَلَد مُخْتَارا |
|
مِنْ يَأسِهِ اليَائسِ أو حِذَارا (٣) |
ونظائره كثيرة ، فَلِذَلِك يكون قولُهُ : (فِي يَوم ذَا مَسْغَبَة) عَلَى أنَّ مسغبة
__________________
(١) عُمْقُ كلّ شيء قعرُهُ ومنتهاهُ ، والمُخترقُ : مكان الاختراق وبعده ، مُشْتَبِهِ الأعْلاَمِ لَمَّاعِ الخَفَق.
انظر : الديوان : ١٠٤ والكتاب : ٢ / ٣٠١ والخصائص : ١ / ٢٢٨ ، ٢٦٠ ، ٢٦٤ والمنصف : ٢ / ٣ وخزانة الأدب : ١ / ٧٨ والأشموني : ١ / ٣٢.
(٢) البيت لكعب بن جعيل ، والندْمَان : الجليس على الشَّراب للواحد والجمع. انظر : الكتاب : ١ / ٣٤ والمقتضب : ٤ / ١١٢.
(٣) الرجزُ للعجاج ويروى (عن) مكان (من). يصف ثوراً يقولُ طوى كشحَهُ على ما نَوَى.
الديوان : ٢١ والكتاب : ١ / ٣٥.