قَالَ أَبو الفتح : في هذهِ القراءة دلالةٌ على إرادَةَ المفعولِ في يخوّفُ وحذفِهِ في قراءةِ أَكثرِ الناسِ : (يُخَوِّفُ أَولياءَهُ). وَلَيسَ هذا كَقَولِنَا فلانٌ يُخَوّفُ غُلاَمَهُ ويُخَوّفُ جاريتَهُ من ضربهِ إيّاهُما وإساءَتِهِ إليْهِمَا ، فالمحذُوفُ هُنَا هُوَ المَفعُولُ الثاني وهو في الآية المَفْعُولُ الأوّلُ (١) على ما قدَّمْنا (٢).
حذف المفعولين
قَرَأَ الحَسَنُ : (يُورِثُ كَلاَلَةً) (٣). وَقَرَأَ عِيسى بن عُمَرَ الثقفي : (يُوَرِّثُ كَلاَلَةً).
قالَ أَبو الفتح : يُورِثُ وَيُورِّثُ كلاهما منقولٌ مِن وَرِثَ ، فَهَذَا (٤) مِن أَوْرَثَ وَهَذَا (٥) مِن وَرِثَ.
فَورَثَ وأَورَثَتُهُ كَوَغِرَ صَدرُهُ وَأَوْغَرْتُهُ ، وَوَرِثَ وَوَرَّثْتُهُ كَوَرِمَ وَوَرَّمتُهُ. قالَ الأعشَى :
مُورِّثَه مالاً وفيِ المَجْدِ رِفعة |
|
لِمَا ضَاعَ فيِهَا مِن قُروءِ نَسِائِكَا (٦) |
__________________
(١) وهكذا قال الزجَّاج : وقال أَبو البركات ابنُ الأنباري : يُخَوّفُكَم بِأَوليَائِهِ ، فَحَذَفَ المفعولَ الأوَّلَ والبَاءَ مِن المَفعُولِ الثاني كَقولِهِ تَعَالَى : (لِيُنذِرَ بَأْساً شَدِيْداً مِن لَّدُنْهُ) سورة الكهف : ١٨ / ٢ وَتَقَدِيرُهُ لِينذِرَكُم ببأس شَديد مِن لَّدُنْهُ.
اُنظر : معاني القرآن وإعرابه : ١ / ٥٠٦ ـ ٥٠٧ والبيان في غريب إعراب القرآن : ١ / ٢٣١.
(٢) المحتسب : ١ / ١٧٧.
(٣) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٢ : (وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً).
(٤) يعني (يُورِّثُ).
(٥) يعنى (يُوْرِثُ). والتناظر يقتضي أن يَقُولَ : هَذَا من وَرِثَ وهذا من أَورَثَ.
(٦) من قصيدة يمدح بها هوذَة بن علي الحنفي. ويروى (الحَمْد) مكان (المَجد) كما يروى بنصب (مورثة) و (رفعة). أُنظر : الديوان : ٦٧ والمحتسب : ١ / ١٨٣ واللسان : ١ / ١٢٦ والهمع : ٢ / ١٤١ والدرر اللوامع : ٢ / ١٩٤.