حذف الضمير العائد
قَرَأَ حُمَيدُ : (يَغْشَى) (١) بفتح الياءِ والشّينِ وَنَصبِ (الليلِ) وَرَفعِ (النهار).
قَالَ أَبو الفتح : اتصال قولهِ تَعَالى : (يَغْشَى الليلَ النهارُ) (٢) بقولهِ : (ثُمَّ استوى عَلَى العَرشِ) (٣) اتصال الحالِ بِمَا قَبْلَهَا ويكونُ هُنَاك عائدٌ مِنْهَا إلى صَاحِبِهَا وَهوَ اللهُ تَعالَى ، أيْ : يَغشَى الليلَ النهارُ بِأَمرِهِ ، أوْ بِإذنِهِ ، وَحُذِفَ العائِدُ كَما يُحذَفُ مِن خَبَر المبتدأ في نَحْوِ قَوْلِهِمْ : السَّمَنُ مَنَوانِ بِدِرْهَم ، أيْ : مَنَوانِ مِنْهُ بِدِرْهَم.
وَدَعَانَا إلى إضمار هَذَا العائِدِ أنْ تَتَّفِقَ القراءَتانِ عَلى مَعْنَى وَاحد أَلا تَرَى إلى قراءةِ الجماعِة (يُغشِي الليلَ النهارَ) وأَنَّ هذِهِ الجملة في موضعِ الحالِ ، أي : استوى عَلَى العرشِ مَغْشِياً الليلَ النهارَ ، أيْ : استَوَى عليهِ فِي هذهِ الحالِ.
فَقَوْلُهُ إذاً (يَطْلُبُهُ حَثِيِثاً) بدل مِنْ قَولِهِ (يَغْشَى الليلَ النهارُ) للتوكيد ، وهو على قراءةِ الجماعة (يُغشِي) أَوْ (يُغشِّي) حالٌ مِنَ الليلِ (٤) أيْ : يُغَشِّي الليلَ النهارَ طالباً لَهُ حَثِيثاً ، وَحَثِيثَاً بَدَلٌ من طالب أَو صفة لَهُ (٥) ، لأن طالباً لَو كَانَ منطوقاً بِهِ ، حالَ هناك والحالُ عِنْدَنَا فوصفٌ (٦) مِن حيثُ كَانَتْ في المعنى
__________________
(١ ـ ٣) من قوله تعالى من سورة الأَعراف : ٧ / ٥٤ : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّموَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً).
(٤) ويجوز أن يكون حالاً من النهارِ فيكونُ التقديرُ : يطلبُ الليلُ النهارَ محثوثاً. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٧٦.
(٥) وَرَجَّحَ العكْبَرِي أَنْ يكونَ صفةً. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢٧٦.
(٦) يجيز الأخفش زيادةَ الفاءِ في خبر المبتدأِ. انظر : المحتسب : ١ / ٢٣٥ وشرح الكافية : ١ / ١٠٢.