قَالَ أَبُو الفتح : لَمْ يَذْكرْ أَبُو حَاتِم التنوينَ لَكِنّهُ قَالَ : وَبَلَغَني أَنَّهَا فِي مُصْحَفِ أُبي (لِيُسيءَ) بالياءِ مَضْمُومَةً بغيرِ وَاو ، فَأَمّا التنوينُ فِي (فَلْنَسُوءاً وُجُوهَكُم) عَلَى لَفْظِ الأَمرِ كما تقولُ : إذَا سألتني فَلاُْعْطِيَنَكَ ، كَأَنْكَ تَأمُرُ نَفْسَكَ وَمَعْنَاهُ فَلاُْعْطِيَنَّكَ واللاّمَانِ بَعْدَهُ لِلأَمرِ أَيضاً ، وَهُمَا : (وَلْيَدْخُلُوا المَسْجِدَ ... وَلْيُتبِّروُّا) (١) وَيَقُوِّي ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لـ (إِذَا) جوابٌ فِيَما بَعْد ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ تَقْدِيرهُ فلنسوءاً وجوهَكُمْ ، أَيْ : فَلْتَسُؤَنَّ وجوهَكُمْ (٢).
دخول لام الأمر على المضارع المبدوء بتاء الخطاب
قَرَأَ النبيُّ صلّى الله عليه وآله وعثمانُ بن عفان وَأُبي بن كَعب والحَسَن وأَبو رَجاء ومحمّد بن سيرين والأعرج وَأَبو جعفر بِخِلاَف وَالسُّلَمِي وَقَتَادَةَ والجَحْدَرِي وَهِلالُ بُن يَسَاف والأَعْمَش بِخِلاَف وَعَبَّاس بنُ الفَضْلِ وَعَمرو ابن فَائد : (فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا) (٣) بالتاءِ.
قَالَ أَبُو الفتح : خُرِّجَتْ قِرَاءَة : (فَلْتَفْرَحُوا) (٤) بالتَّاءِ عَلَى
__________________
وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّة وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً).
(١) من قوله تعالى من سورة الإسراء : ١٧ / ٧ : (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّة وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً).
(٢) المحتسب : ٢ / ١٥.
(٣) من قوله تعالى من سورة يونس : ١٠ / ٥٨ : (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ).
(٤) قال الفراء : كان الكسائي يعيب قولهم : فلتفرحوا ، لأ نّه وجده قليلاً فجعله عيباً ، وقَال الأَخَفشُ عن هذه القراءة : إِنَّها لُغَةٌ للعربِ ردِيئَةٌ ، وقال الجوهري : لامُ الأمر تأمرُ بها الغائبَ ، وربما أمروا بها المخاطب ، وقرئَ : (فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا) ، بينمَا استدلّ بهذه القراءة عددٌ من النُّحاة على جوازِ دُخولِ لامِ الأمرِ على الفعلِ المضارعِ المبدوءِ بتاءِ الخطابِ ،