قَالَ أَبو الفتح : لَيْسَ دُخولُ لامِ الأمر هُنَا كدخولها في قراءة النبيّ صلّى الله عليه وآله وَغَيرِهِ مِمَّن قَرأَهَا مَعَهُ : (فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا) بالتاءِ وفرقُ بيْنَهُمَا أَنَّ الَمأمُورَ فِي (فَلْتَفْرَحَوا) مُخَاطَبٌ ، وَعُرْفُ ذلِكَ وَعَادَتُهُ أَن يُحْذَفَ حرفُ المُضَارِعة فِيهِ كَقَوْلِنَا : قُمْ واقْعُدْ ، وَخُذْ ، وَسِرْ ، وَبِعْ. وَأَمَّا (وَلْتُصْنَعْ) فَإنَّ المأمورَ غائبٌ غير مُخَاطَب فَإنَّمَا هو كقولنا : وَلْتُعْنَ بِحَاجَتِي ، وَلْتُوضَعْ (١) فِي تِجَارتِك لاَِنَّ العانِي بِهَا والواضِع فِيها غَيرُهُمَا ، وَهُمَا الُمخَاطَبَانِ ، فَهَذَا كَقَوْلِكَ : لِيُضْرَبْ زَيدٌ وَلْتُضْرَبْ هندٌ. وَأَمَّا قَوْلُ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ خُذْ طَرَفَكَ وَلآخُذْ طَرَفِي (٢) وَقَوْلُهُم : لَِنمْشِ كُلُّنَا ، وَلْنَقُمْ إلى فَلان وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإنَّمَا جَاءَ باللاّمِ لاَِ نَّهُ لَمْ يَكْثُرْ أَمْرُ الإنسانِ نَفْسَهُ ، فَلَمَّا قَلَّ استعَمالُهُ لَمْ يخفّفْ بِحَذْفِ اللاّمِ كَمَا يَكْثُر أَمرُ المَأمورِ الحاضِر فَخُفِّفَ نَحو قُمْ ، وَسِرْ ، وَبِعْ ، وخفْ ، ونمْ (٣).
لا الناهية
قرأ الحسن : (لاَ يَضُرْكُمْ) (٤) وَقِراءة إبراهيم : (لاَ يَضِرْكُمْ) قَالَ أَبُو الفتح : جَزَمَ يَضُرْكُم وَيَضِرْكُمْ لاَِ نَّهُ جُعِلَ جَوابَ الأمرِ ، أَعْنِي قَوْلَهُ (عَلْيكمْ أَنْفُسُكُمْ) (٥) ويجوزُ أَنْ تَكُونَ (لاَ) هُنَا
__________________
(١) وَضَعَ في تِجَارتِهِ وأَوضعَ خسرَ.
(٢) تنظر : ص : ٣٤٤.
(٣) المحتسب : ٢ / ٥١ و ٥٢.
(٤) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ١٠٥ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ).
(٥) (عليكم) : اسم فعل وبه انتصبَ (أنْفُسَكُمْ) والتقديرُ : احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ والكاف والميم في