وجهٌ حسَن (١) وإِنْ كان أصحابُنا (٢) يجيزونه (٣) مع المعرفة (٤).
٣ ـ ما بعد إِنَّ لا يعمل فيما قبلها
من ذلك قراءة : (إِذا مُتْنَا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً إِنَّا) (٥) على الخبر كلاهما بلا استفهام. (٦)
قال أَبو الفتح : مَخْرَج هذا مِنْهُم على الهُزْء وهذا كما تقول لِمَنْ تهزأ به ، إذا نظرتَ إِليَّ مِتُّ مِنْك فَرَقاً وإِذا سألتك جَمَعْتَ لِي بحراً ، أَي : الأمْرُ بخلافِ ذَلِك ، وإِنَّمَا أَقولُهُ هازِئاً ويدلُّ على هذا شاهدُ الحالِ حِينَئذ ، ولولا شهودُ الحالِ لكانَ حقيقةً لا عَبَثاً ، فكأَ نَّهُ قالَ : إذا مِتنا وكنَّا تراباً بُعثنا. ودَلَّ قَوْلُهُ : (إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) على بُعثنا ، ولا يجوزُ أنْ يعمَلَ فيه (مبعوثونَ) لأَنَّ ما بَعْدَ إِنَّ لا يعملُ فيما قبلَها (٧).
__________________
(١) قال في الخصائص : وقد حُذِفَ خبرُ إنَّ مع النكرة خاصَّةً. انظر : الخصائص : ٢ / ٢٧٣.
(٢) يكشف ابن جنِّي عن مذهبه النحوي فإنّ أصحابَه هنا البصريون لأ نّهم الذين يجيزون ذلك كما سنرى.
(٣) فقد أجاز ذلك سيبويه والمُبَرِّدُ وهو قولٌ أخذَ بِهِ بعدَ ذلك عددٌ من النحاة منهم : الزَّمخشري وابنُ يعيش وابنُ الحاجب وابنُ مالك وابنُ عصفور والسيوطي.
انظر : الكتاب : ١ / ٢٨٤ والمقتضب : ٤ / ١٣٠ وشرح المفصل : ١ / ١٠٣ والكافية في النحو : ٢ / ٣٦٢ والتسهيل : ٦٢ والمقرب : ١ / ١٠٨ وهمع الهوامع : ١ / ١٣٦.
(٤) المحتسب : ١ / ٣٤٩.
(٥) من قوله تعالى من سورة الواقعة : ٥٦ / ٤٧ : (وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ).
(٦) لا أدري من الذي قرأَ بها ، ولم أعثر على هذه القراءة فيما بين يديَّ من مصادر.
(٧) المحتسب : ٢ / ٣٠٩.