في المعنى لاَ فَاعلة ، وَذَلِك أَنَّ (وَعِنْدَهُ) (١) عطفاً على أنْ يُقَالَ لَهُ : (يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ) ، فالمصدر هُنا مضافٌ إلى المَفعولِ لا إلى الفاعلِ ، وإنَّما هُوَ مِنْ بابِ قَولِ اللهِ سبحانَهُ : (لَقَدْ ظَلَمَك بِسُؤَالِ نَعْجَتِك إِلَى نِعَاجِهِ) (٢) أيْ : بِسُؤالِهِ إيَّاك نعجتك.
ومثله قوله تعالى : (لاَ يَسْأَمُ الاِْنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ) (٣) ، أيْ : مِنْ دُعَائِهِ الخير ، لا بدَّ من هذا التقدير.
أَلا تَرَى أَنَّهُ لاَ يَجوز أَنْ تُقَدِّرَهُ عَلَى أَنَّهُ : (وَعِندَهُ عِلْمُ) أَنْ يَقُولَ اللهُ : (وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ)؟ لأَنَّ هَذَا إنَّما يُقَالُ للهِ تعالى دُونَ أنْ يَكُونَ سبحانَه يقول : يا ربِّ إِنَّ هؤلاءِ كَذا (٤).
إضمار المصدر
قَرَأَ : (فَوَسَّطْنَ بِهِ) (٥) مُشَدَّدَة علي بن أَبي طالب (عليه السلام) وابن أَبي لَيْلَى وَقَتَادَة.
قَالَ أَبو الفتح : أَيْ (أَثَّرْنَ) (٦) باليد نقعاً ، وَوَسَّطْنَ بالعَدو جَمْعاً. وأَضمرَ المصدرَ لِدلالةِ اسم الفاعلِ عليهِ ، كما أضمر لدلالة الفعل عليه في قوله : منْ
__________________
(٤) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٨٥ : (وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
(١) سورة ص : ٣٨ / ٢٤.
(٢) سورة فصلت : ٤١ / ٤٩.
(٣) المحتسب : ٢ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩.
(٤) من قوله تعالى من سورةِ العاديات : ١٠٠ / ٥ : (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً).
(٥) مَن قوله تعالى من سورةِ العاديات : ١٠٠ / ٤ : (فَأَ ثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) وقراءة : (أَثَّرْنَ) بالتشديد قَرَأَ بِهَا أَبو حَيْوَة. انظر : المحتسب : ٢ / ٣٧٠.