حول الصفة
قَرَأَ عليُّ بنُ أَبي طالب وزَيدُ بنُ عليّ وجعفرُ بنُ محمد عليهم السلام وابنُ عباس رضي الله عنه وعِكْرِمة : (يَحْفَظُونَهُ بِأَمرِ اللهِ) (١).
قَالَ أَبو الفتح : المفعول هُنَا محذوفٌ ، أَيْ : يحفظونَهُ مِمَّا يحاذره بأَمر اللهِ.
وأَمَّا (٢) قراءة الجماعة : (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) فَلَيسَ معناهُ أَنَّهُم يَحْفَظونهُ مِنْ أَمرِ اللهِ أَنْ ينزِلَ بهِ ، لَكِنْ تقديره : لَهُ مُعَقّبَاتٌ مِنْ أَمرِ اللهِ يَحْفَظُونَهُ مِمَّا يَخافُهُ (٣) فـ (مِنْ) عَلَى هَذَا مرفوعة الموضع لأَ نَّها صِفَةٌ للمرفوعِ الَّذِي هُو (مُعَقَّباتٌ) ، ولَو كَانَتْ ـ كَمَا يُظَنُّ ـ أَنَّهُمْ يَحفَظُونَهُ مِنْ أَمرِ اللهِ أَنْ يَنْزِلَ بهِ لَكَانَتْ منصوبةَ الموضِعِ ، كَقَولِكَ : حَفِظْتُ زَيْداً مِنَ الأسدِ ، فَقَولُكَ : مِنَ الأسدِ منصوبُ الموضعِ لاِ نّهُ مفعولُ حَفِظْتُ.
والّذي ذكرناهُ في هذا رأي أَبي الحَسَن ومَا أَحسنه!! فَإن قلتَ : فَهلاّ كانَ
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة الرعد : ١٣ / ١١ (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ). والقراءة التي ذكرها ابن جني نسبها الشيخ الطوسي في التبيان : ٦ / ٢٢٨ إلى أهل البيت (عليهم السلام) ، ونُسِبَتْ إلى الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير القمي : ١ / ١٠ ، وتفسير العياشي : ٢ / ٢٠٥ / ١٥ و ١٦ ، أمّا عكرمة فهو مولى ابن عباس وعنه أخذ القراءة فهي قراءة ابن عباس. ينظر في : غاية النهاية : ١ / ٤٥٧.
(٢) مِنْ هنا إلى آخَر هذه المسألة نَقَلَهُ الطَّبَرْسِي في مجمع البيان : ١٣ / ١٤٨.
(٣) يرى الفرّاء أَنَّ في الكلام تقديماً وتأخيراً ، أيْ : له معقباتٌ من أمر الله يحفظونهُ من بينِ يديه ومن خلفِهِ. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٦٠ والبحر المحيط : ٥ / ٣٧٢.