قُلْتَ : هوَ فَعْلَلْتُ ، فَجَعَلْتَ البَاءَ الزَّائِدَةَ للجرّ مُقَابلَة للفاءِ؟ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُم : بَسْمَلْتُ ، فالباءُ مِنْ قَوْلِهِم : (بِسْمِ اللهِ) زَائِدَة ، والسين فَاءُ (اسم) واللاّمُ عينُ إِله ، ثُمَّ إِنَّكَ إذَا قُلْتَ بَسْمَلْتُ قُلْتَ : هوَ فَعْلَلْتُ ، وَمِثلُهُ حَوْقَلْتُ : إذَا قُلْتَ : لاَ حولَ وَلاَ قوّةَ إِلاَّ باللهِ ، ومِثَالُ حَوْقَلْتُ : فَوْعَلْتُ والواو ـ كما تَرَى ـ زائدةٌ وَهِيَ عينُ حولَ فِي الأصلِ.
أَفَلا تَرَى إلى استحالةِ أَحوال الحروف مِنَ الزّيادَةِ إلى الأصْلِ وَمِنَ الأصْلِ إلى الزيادةِ ، وَهَذَا كقولِ اللهِ سبحانَهُ : (ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ) (١). (٢)
لام الأمر
قَرَأَ الحَسَنُ : (فَلِيَتَوَكَّلِ المُؤمِنُونَ) (٣) قَالَ أَبو الفتح : هَذَا لَعَمْرِي الأصلُ فِي لامِ الأمْرِ : أَنْ تَكُونَ مَكْسُورةً إِلاَّ أَنَّهُمْ أَقَرُّوا إسْكَانَها تخفيفاً (٤).
وَإذَا كانُوا يَقُولُونَ مَرْهُ فَلْيَقُمْ فَيُسْكِنُونَهَا مَعَ قِلَّةِ الحروفِ وَالحَرَكَاتِ فَإسَّكَانُها مَعَ كَثْرةِ الحروفِ أَمْثَل ، وَتِلْكَ حَالُهَا فِي قَوْلِهِ : (فَلِيَتَوكَّلِ المُؤمِنُونَ) لا سيّما وقبلها كسرةُ الهاءِ ، فاعرفْ ذَلِك فَإنَّ مصارفةَ الألفاظِ بابٌ مُعْتَّمدٌ في الاستثقالِ والاسْتِخْفَافِ (٥).
وَقَرَأ أُبَي بن كَعْب : (وَلِنَسُوءاً) (٦) بالتنوين.
__________________
(١) سورة المؤمنون : ٢٣ / ١٤.
(٢) المحتسب : ٢ / ٣١٢ ـ ٣١٣.
(٣) من قوله تعالى من سورة إبراهيم : ١٤ / ١١ : (وَعلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
(٤) الأصل في لام الأمر أنَّهَا مكسورةٌ ، إلاّ أَنَّها لِشِدَّةِ اتِّصالِها بما بعدَها حتَّى صارتْ كبعضِ حروفِهِ جازَ فيها التسكينُ. شرح المفصل : ٩ / ١٣٩ ورصف المباني : ٢٢٨.
(٥) المحتسب : ١ / ٣٥٩.
(٦) من قوله تعالى من سورة الإسراء : ١٧ / ٧ : (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُئُواْ وُجُوهَكُمْ