ضَرَبَها ، ثم تُدخِلُ إنَّ فَتَنصِبُ الاسمَ ، وَبقِيَ الخبرُ على تركيبهِ الّذي كان عليه من كونِهِ جملةً مِنْ مبتدأ وخبر. واختار محمّد بن يزيد هُنا النصب (١) وَقَالَ : لأَنَّ تقديرَهُ إنَّا فَعَلنَاهُ كذا. قَالَ : فالفِعلُ منتظرٌ بعد إنّا فَلَمَّا دَلَّ ما قبلهُ عليهِ حَسُنَ إضْمَارُهُ. وَلَيسَ هذا شيئاً لأن أَصلَ خبرِ المبتدأِ أَنْ يَكونَ اسماً لا فعلاً جُزءاً منفرداً فما معنى توقع الفعلِ هُنا وخبرُ إنَّ وأخواتِها كأخبارِ المبتدأ؟ وعليه قولُ اللهِ سبحانَهُ : (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ) (٢) فَهَذِهِ الجملة التي هي (وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ) في موضعِ المفعول الثاني لرأَيتَ وهو في الأصل خَبَرُ المبتدأِ ، وَقَد ذَكَرنَا هذا في غير موضِعِ من كتبنا والتعليق عَنَّا (٣).
الظــرف
قَرَأَ ابن يَعْمر والجارودُ بن أَبي سَبْرَة وابنُ أَبي إسحاق ونوح القاري ورُويَ عَن أَبي رَجاء : (مِن قُبُلُ) (٤) و (مِن دُبُرُ) (٥) بِثَلاَثِ ضـمّـات مِن غيرِ تنوين. قَال أَبو الفتح : يَنبَغي أَنْ يَكونَا غايتين ، كقولِ اللهِ سبحانَهُ : (لِلَّهِ الاَْمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ) (٦) كَأَ نَّهُ يريد : وَقَدَّتْ قَميصهُ مِن دُبُرِهِ وَإن كَانَ قَميصُهُ قُدّ
__________________
(١) انظر : رأي محمد بن يزيد المُبَرَّدِ في زاد المسير : ٦ / ٤.
(٢) سورة الزمر : ٣٩ / ٦٠.
(٣) المحتسب : ٢ / ٣٠٠.
(٤) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ٢٦ : (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُل فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ).
(٥) من قوله تعالى من سورة يوسف : ١٢ / ٢٧ : (وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُر فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ).
(٦) سورة الروم : ٣٠ / ٤.