و (حاشَى) (١) وهو حرف جرّ ، كيف جَاز التقاء حرفي الجرّ (٢)؟ فالقول أَنَّ (حاشْ) و (حاشى) فِعلان فَلِذَلِك وَقَعَ حرفُ الجرِّ بعدَهَا.
حَكى أَبو عثمان المازِنِي عَنْ أَبي زيد قَالَ : سَمِعْتَ أَعرابيّاً يَقُولُ : اللَّهمَّ اغفر لي وَلِمَن سَمِعَ حاشَى الشَّيطانَ وأَبا الأَصبع (٣) ، فنصبَ بِحَاشَى.
وَهَذَا دليلُ الفعليةِ. فعليهِ وَقَعتْ بَعْدَهُ لامُ الجرّ (٤).
حذف الجارِّ والمجرور
قَرَأَ عِكْرِمة : (حيناً تُمسونَ) (٥) قال أبو الفتحِ : أَرادَ حيناً تمسون فيهِ ، فحذَفَ (فيه) تخفيفاً.
هَذا مذهبُ صاحبِ الكتاب (٦) في نحوه ، وهو قولُهُ سبحانَهُ : (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْس شَيْئاً) (٧) ، أَيْ : لاَ تَجزي (فيه) ثُمَّ حَذَفَ (فيه) مُعْتَبِطاً لِحَرْفِ الجرِّ والضَّميرِ لدلالةِ الفعلِ عَلَيْهِمَا.
__________________
(١) لم يذكر (حاشى لله) فيما ذَكَرَ من قراءات الآية.
(٢) لأَنَّ حرفَ الجرّ لا يدخلُ على حرفِ الجرِّ ـ كما يقول أَبو حيان ـ انظر : البحر المحيط : ٥ / ٣٠٣.
(٣) اُنظر : أُصول النحو : ١ / ٣٥١ وشرح المفصل : ٢ / ٨٥ وشرح الكافية : ١ / ٢٤٤ والجَنَى الدَّاني : ٥١٣ والمغني : ١ / ١٢٢ وشرح ابن عقيل : ١ / ٦٢١. وقد رويت أَيضاً عن أَبي عمرو وإسحاق ابن مَرَّار الكوفي المتوفّى (سنة / ٢٠٥ هـ).
(٤) المحتسب : ١ / ٣٤١ ـ ٣٤٢.
(٥) من قوله تعالى من سورة الروم : ٣٠ / ١٧ : (فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ).
(٦) انظر : الكتاب : ١ / ١٩٣.
(٧) سورة البقرة : ٢ / ٤٨ و ١٢٣.