مَعَكُمْ) وَذَلِكَ أَنَّهُم لَـمَّـا قَالُوا لَهُم : (إنَّا تَطَيْرَنَا بِكُمْ) أَيْ : تَشَاءَمْنَا ، قَالُوا لَهُمْ جَواباً عَنْ ذَلِكَ بَلْ (طائِرُكُم مَعَكُم) أَيْ : بَلْ شُؤْمُكُمْ مَعَكُم (أَنْ ذُكِّرْتُمْ) ، أَيْ : هُوَ مَعَكُمْ لاَِنْ ذُكِّرتُم فَلَم تذكروا ، وَلَمْ تَنْتَهُوا فَاكْتَفَى بالسَّبَبِ الَّذي هُوَ التَذْكِيرُ مِنَ المُسَبِّبِ الذي هُوَ الانْتِهَاءُ على مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ إقَامَتِهِم كُلَّ وَاحِد مِنَ المُسَبِّبِ والسَّبَبِ مقامَ صاحِبِهِ وَمَنْ رأى أَنَّ (أَنْ) قَدْ حُذِفَ الجارُ عَنْ لَفْظِهَا وإرادَتِهِ فِيهَا مَجرورةً رأى ذَلِكَ هُنَا فِيهَا وَهُوَ (١) الخَليِلُ (٢).
جواب الجزاء بالواو
قَرَأَ عُبيدُ اللهِ بن موسى وطلحة بن سليمان : (وَيَجْعَلَ لَكَ) (٣) بالنَّصبِ قَالَ أَبو الفتح : نَصَبَهُ عَلَى أَنَّهُ جوابُ الجزاءِ بالواوِ ، كَقَوْلِكَ إنْ تَأْتِنِي آتِكَ وَأُحسنَ إلَيكَ. وَجَازَتْ إجَابَتُه بِالنَّصْبِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ وَاجِباً إِلاَّ بُوقُوع الشَّرْطِ مِنْ قَبْلِهِ وَلَيْسَ قويّاً مَعَ ذَلِكَ ، أَلاَ تَرَاهُ بِمَعْنَى قَوْلِكَ أَفْعَل كَذَا إنْ شَاءَ اللهُ (٤)؟
أَصْلُ لَنْ
قَالَ الخَليل : في (لَنْ) : إِنَّ أَصْلَهَا (٥) (لاَ أَنْ) فحذف الهمزة تخفيفاً والألف
__________________
(١) للخليل رأيٌ حولَ حذفِ اللاّمِ قَبلَ (أَنَّ) قَالَ سيبويه : وسألتُ الخليلَ عن قولِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ : (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَ نَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) سورة الأنبياء : ٢١ / ٩٢ ، فقال : إنّما هي على حذف اللاّم. وقالَ سيبويه : واعلم ان اللاّمَ ونحوها من حروف الجَرِّ قد تُحذَفُ من ان. كما حذفت من أَنْ. انظر : الكتاب : ١ / ٤٦٤ و ٤٦٧.
(٢) المحتسب : ٢ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦.
(٣) من قوله تعالى من سورة الفرقان : ٢٥ / ١٠ : (تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذَلِكَ جَنَّات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَّكَ قُصُوراً).
(٤) المحتسب : ٢ / ١١٨.
(٥) وذهب هذا المذهب الكسائي. ويرى سيبويه والجمهور أنّ (لن) بسيطة.