الكَرِيِم) أيْ : مَا الّذِي دَعَاك إلَى الاغترارِ بِهِ (١)؟
٥ ـ الفصل بين المضاف والمضاف إليه
قَرَأَ الأَعمش : (وَمَا همْ بِضَارِّي بِهِ مِن أحَد) (٢) قَالَ أبو الفتح : هَذَا مِنْ أَبْعَدِ الشاذ أَعْنِي حذفَ النُّونِ هَا هُنا ، وأمثل ما يُقالُ فِيهِ : أنْ يَكُونَ أَرادَ : وَمَا هُمْ بِضَارِّي أَحَد ثُمَّ فَصَل بينَ المُضَافِ والمَضَافِ إليه بِحَرْفِ الجَرِّ.
وَفيِهِ شيءٌ آخر ، وَهوَ أَنَّ هُناك أَيْضاً (مِنْ) فِي (مِنْ أَحد) غير أَنّهُ أجرَى الجارَّ مَجَرى جزء من المجرورِ (٣) ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : وَمَا هُمْ بضاريِّ به أَحد ، وفيه ما ذكرنا (٤).
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤.
(٢) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٠٢ : (وَمَا هُمْ بِضَآ رِّينَ بِهِ مِنْ أَحَد).
(٣) قال أبو حَيَّان : «وَهَذَا التخريج ليسَ بجيّد لأَنَّ الفصلَ بينَ المضافِ والمضافِ إليهِ بالظرفِ والجارِّ والمجرور من ظرائرِ الشعر ، وأقبحُ من ذلك ألا يكونَ ثَمَّ مُضافٌ إليهِ لأَ نّهُ مَشغُولٌ بعاملِ جرّ فهوَ المؤثِّرُ فيه لا الإضافة ، وأمَّا جعل حرف الجرِّ جزءاً من المجرور فهذا ليس بشيء لأَ نَّهُ مؤثِر فيهِ وجزءُ الشيء لا يؤثرُ في الشيء».
وقد رجَّحَ أنْ يكونَ حذفُ النُّونْ تخفيفاً. انظر : البحر المحيط : ١ / ٣٣٢.
(٤) المحتسب : ١ / ١٠٣.