والزانَي (١) فَلَمّا أَضْمر الفعلَ الناصبَ فَسَّرَهُ بقولَهِ : (فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِد مِنْهُما مَائةَ جَلْدَة) (٢) وَقَرَأَ أُبي بنُ كعب وابن مسعود : (وَحُوراً عِيناً) (٣).
قال أبو الفتح : هذا على فعل مضمر أَي : وَيُؤتَونَ أو يَزوجُونَ حُوراً عِيناً كَمَا قالَ : (وَزَوَّجْنَاهُم بِحُور عِين) (٤) وهو كثير في القرآن والشعر (٥).
النصب على المدح
قَرَأَ الضَّحَّاك : (الحَمدُ لِلَّهِ فَطَرَ السَّماوات وَالأَرضَ) (٦).
قَالَ أَبو الفتح : هَذا على الثناءِ على اللهِ سُبحانه وذِكرِ النِّعْمَةِ التي استَحَقَّ بِهَا الحَمْدَ ، وأَفردَ ذلك في الجملةِ التي هي (جَعَلَ) بِمَا فيها من الضمير ، فكانَ أَذْهَبَ في معنى الثناءِ لأَ نَّهُ جملة بعد جملة. وكلّما زادَ الإسهابُ في الثناءِ أَوِ الذَّمِّ كانَ أبلغَ فيهما ، أَلاَ ترى إلى قولِ خِرْنِق :
لاَ يَبْعُدَنْ قَومِي الَّذينَ هُمُ |
|
سُمُّ العُدَاةِ وآفَةُ الجُزْرِ |
النَّازلِينَ بِكُلّ مُعْتَرَك |
|
والطَّيَّبِينَ مَعَاقِدَ الأُزْرِ (٧) |
__________________
(١) قال سيبويه : وقد قرأ أُناسٌ : (والسّارقَ والسَّارقةَ) ، و (الزانيةَ والزانِيَ) وهو في العربيةِ على ما ذكرتُ لَك من القوّةِ. وَلَكِنْ أبَتِ العامّةُ إلاّ الرَّفعَ. وإنَّما كان الوجهُ في الأمرِ والنهي النصبَ لأَنَّ حدَّ الكلامِ تقديمُ الفعلِ وهو فيه أَوْجَبَ. الكتاب : ١ / ٧٢.
(٢) المحتسب : ٢ / ١٠٠.
(٣) من قوله تعالى من سورة الواقعة : ٥٦ / ٢٢ : (وَحُورٌ عِينٌ).
(٤) سورة الدخان : ٤٤ / ٥٤.
(٥) المحتسب : ٢ / ٣٠٩.
(٦) من قوله تعالى من سورة فاطر : ٣٥ / ١ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ).
(٧) انظر : الكتاب : ١ / ١٠٤ و ٢٤٦ و ٢٤٩ و ٢٨٨ والهمع : ٢ / ١١٩ وشرح الأشموني : ٣ / ٨٦ و ٢١٤ وشرح التصريح : ٢ / ١١٦ والخزانة : ٥ / ٤١.