لا [يَقْضِي] (١) عَلَيْهِم الموتُ ، وَحَسُنَ حذفُهُ هُنَا لأَ نّهُ لَوْ قِيلَ : لاَ يقضي عليهم الموتُ فيموتون كان تكريراً يغني عن جميعه بعضهُ ، ولا توكيدَ أَيضاً فيه فيحتمل لفظه. وعلى كلِّ حال فقد بَيَّنَا في كتابنا هذا (٢) وفي غيره حُسْنَ حذفِ المفعولِ لدلالةِ الكلامِ عليه ، وأ نّه لا يصدر إلاَّ عن فصاحة عذبة (٣).
٤ ـ لا يحسن الانصراف عن اللفظ والعود إليه
قَرَأَ قَتَادَة : (وَكأَيّ مِنْ نَبِي قُتِّلَ مَعَهُ رِبِّيونَ كَثِير) (٤) مُشَدَّدَةً.
قَالَ أَبو الفتح : فِي هذه القراءةِ دَلالةٌ على أَنَّ مَن قَرَأَ مِنَ السبعةِ قُتِلَ أو قَاتَل (٥) مَعَهُ رِبِّيُونَ فَإنَّ رِبِّيُونَ مَرْفُوعٌ في قراءتهِ بِقُتِلَ أَوْ قَاتَلَ وَلَيْسَ مرفوعاً بالابتداءِ وَلاَ بالظرفِ الَّذِي هُوَ مَعَهُ (٦) كَقَولِك : مَرَرْتُ برجل يقرأُ عليهِ سلاحٌ.
أَلا تَرَى أَنَّهُ لا يجوزُ كَمْ نبي قُتِّلَ بِتِشديدِ التاءِ ، على فُعِّل؟ فلا بُدَّ إذاً أَنْ يَكونَ رِبِّيونَ مرفوعاً بِقُتِّلَ وَهَذَا وَاضِحٌ.
__________________
(١) في المحتسب : ٢ / ٢٠٢ (يُقْضَى) بضمّ أوّله وفتح ما قبل الآخر ، لكن استقامة معنى الجملة تقتضي أنْ يكونَ (يَقضِي) بفتح أوّله وكسر ما قبل الآخر ـ بالبناء للفاعل ـ كما أثبتناه في المتن.
(٢) انظر : المحتسب : ١ / ٣٣٣ و ٣٦٣ و ٢ / ١١ و ٨٩ و ١٢٩ و ٣٥٦.
وسيرد ذلك في الصفحات التالية.
(٣) المحتسب : ٢ / ٢٠١ ـ ٢٠٢.
(٤) من قوله تعالى من سورة آل عمران : ٣ / ١٤٦ : (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيّ قَاتَلَ مَعَهُ رِ بِّيُّونَ كَثِيرٌ).
(٥) قرأ الحرميان وأَبو عمرو قُتِلَ مبنيّاً للمفعول ، وقتادة كذلك إِلاَّ أَنَّهُ شَدَّدَ التاء وباقي السبعة قاتل بألف فعلاً ماضياً. انظر : البحر المحيط : ٣ / ٧٢.
(٦) انظر : كُلَّ هذه الاحتمالاتِ في البحر المحيط : ٣ / ٧٢.