حذفُ أَحدِ الحرفينِ الزائدينِ
مِنْ ذَلِكَ قراءة السُّلَمِي والحَسَنِ وابنِ مُحيصن وَسَلاَّم وَقَتَادَة : (يَوَقَّدُ) (١).
قَالَ أَبُو الفتح : المُشْكِل مِنْ هَذَا (يَوَقَّدُ) وَذَلِكَ أَنَّ أَصلَهُ يَتَوقَّدُ فَحَذَفَ التاءَ لاجتماعِ حرفينِ زائدينِ فِي أَوَّلِ الفِعْلِ وَهُمَا : الياءُ والتاءُ الَمحْذُوفَة. والعرفُ فِي هَذَا أَنَّهُ إنَّمَا تُحْذَفُ التاءُ إذَا كَانَ حَرفُ المُضَارعة قَبْلَها تاء نحو : (تَفَكَّرُونَ) و (تَذَكَّرُونَ) (٢) والأصْلُ تَتَفَكَّرُونَ فيكونُ اجتماعُ المِثْلَينِ زَائِدَينِ ، فَيُحْذَفُ الثاني مِنْهُمَا طلباً لِلخِفَّةِ بِذَلِكَ وَلَيْسَ فِي يَتَوَقَّد مِثلانِ فيحذف أَحَدَهُمَا لَكِنَّهُ شَبَّهَ حَرْفَ مُضَارَعَة بحرفِ مُضَارَعَة أَعنِي شَبَّهْ اليَاءَ فِي يَتَوَقَّد بالتَّاء الأُولَى فِي تَتَوَقَّد إذ كَانَا زائدين كَمَا شُبَّهَتِ التَّاءُ والنُّونُ في تَعِدُ وَنَعِدُ بِالياءِ فِي يَعدُ فَحُذِفَتِ الواوُ مَعَهُمَا كَمَا حُذِفَتْ مَعَ الياءِ فِي يَعِد.
وَقِياسُ مَنْ قَالَ (يَوَقَّدُ) ـ عَلَى مَا مَضَى ـ أَنْ يَقُولَ أَيضاً : أَنَا أوقَدُ وَنَحْنُ نَوَقَّدُ فَيُشَبه النُّون والهمزة بالتَّاءِ كما شَبَّه الياءَ بِهَا فَيَما مَضَى.
وَنَحوٌ مِنْ هَذَا قِراءَةُ مَنْ قَرأَ : (نُجِّي المؤْمِنينَ) (٣) وَهُوَ يُريدُ نُنْجِي المُؤمنين ، فَحَذَفَ النَّونَ الثَّانيةَ وَإنْ كَانَتْ أَصليةً وَشَبَّهَهَا ـ لاجتماعِ المِثْلين ـ بالزائدةِ. فَهَذَا تَشْبِيه أَصل بِزائد لاتفاقِ اللَّفظين ، والأول تشبيه حرف
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٣٥ : (يُوقَدُ مِن شَجَرَة مُّبَارَكَة زَيْتُونِة لاَّ شَرْقِيَّة وَلاَ غَرْبِيَّة).
(٢) كقوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ١٥٢ : (ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) وغيرها ، أصلها : لعلّكم تتذكّرون فحذفت التاء الثانية من التاءين الزائدتين في ذَكَرَ.
(٣) من قوله تعالى من سورة يونس : ١٠ / ١٠٣ : (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِك حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ).