فهذا في المعنى كقولهِ : إنَّ التسليم والترك لا متشابهان ولا سواء (١).
رُويَ عن عاصم أنَّه قرأ : (وَمَا كَانَ صَلاَتَهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ) نصباً (إِلاَّ مُكَاءٌ وَتَصْدِيَةٌ) (٢) رفعاً. رواه عبيدالله ، عن سفيان ، عن الأعمش أَنّ عاصماً قرأ كذلك.
قال الأعمش : وَإنْ لَحَنَ عاصمٌ تلحن أَنت؟ وقد رُوِيَ هذا الحرف أَيضاً عن أبان ابن تغلب أَنَّهُ قرأ كذلك.
قال أبو الفتح : إعلم أَنَّ نكرةَ الجنسِ تفيد مفادَ معرفتِهِ أَلاَ تَرى أَنَّك تقول : خرجتُ فَإذَا أسَدٌ بالبابِ ، فتجد معناهُ معنى قولك خرجت فإذا الأسدُ بالبابِ لا فرق بينهما؟ وذلك أَنَّك في الموضعين لا تريد أَسداً واحداً معيناً ، وإنَّما تريد خرجتُ فإذا بالباب واحدٌ من هذا الجنس ، وَإذا كانَ كذلك جازَ هنا الرفع في (مُكاء وتصدية) جوازاً قريباً حَتَّى كَأ نَّهُ قالَ : وما كانَ صلاتُهم عند البيتِ إلاّ المكاءُ والتصديةُ ، أَي : إلاَّ هذا الجنس من الفعلِ ، فإذا كان كذلك لم يجرِ هذا مجرى قولك : كان قائمٌ أخاك وكان جالسٌ أباك ، لأِ نَّه ليَس في جالس وقائم معنى الجنسيَّةِ التي تلاقي معنيا نكرتها ومعرفتها على ما ذكرنا وقدمنا (٣).
إتباع لاحق لسابق في التنكير
قرأ ابن مسعود : (ومكراً سيئاً) (٤).
__________________
(١) المحتسب : ١ / ٤١ ـ ٤٣.
(٢) من قوله من سورة الأَنفال : ٨ / ٣٥ : (وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً).
(٣) المحتسب : ١ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.
(٤) من قوله تعالى من سورة فاطر : ٣٥ / ٤٣ : (اسْتِكْبَاراً فِي الاَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ).