عليهِ (١).
التعليق والالغاء
قرأ الحسن : (إنَّ رَبَّك هو أَعلمُ مَنْ يُضِلُّ عن سبيلهِ) (٢) بضمّ الياء.
قالَ أَبو الفتحِ : يجوزُ (٣) أَنْ تكون (مَنْ) هذهِ مرفوعةً بالابتداء (٤) ، وَيُضِلُ بَعْدَهَا خبرٌ عَنْهَا ، و (أعلمُ) هذه معلّقةٌ عن الجملة ، حَتَّى كأَ نَّهُ قال : إنَّ رَبَّك هو أعلمُ أَيُّهُم يُضِلُّ عن سبيلِهِ ، كقولهِ تعالى : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً) (٥).
فَأَمَا الجرُّ فمدفوعٌ من حيثُ ذكرنا (٦) ، وإذا كان ذلك كَذَلِك علمتُ أنَّ (مَنْ) في قولِ الطائي (٧) :
غَدوتُ بِهِمْ أَمَدَّ ذويَّ ظِلاً |
|
وَأَكْثَرَ مَنْ وَرائِي مَاءَ وَادِي (٨) |
ولا يجوز أن تكون (من) في موضع جرّ بإضافة أكثر إليه إِذْ ليسَ واحداً مِمَّنْ وراءَهُ فهو إذاً منصوبُ الموضِعِ لا محالةَ بأكثرَ أوْ بما دلَّ عليه أكثرُ ، أَي
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ٢١٢.
(٢) من قوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ١١٧ : (إِنَّ رَبَّك هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).
(٣) ويجوز عنده أنْ تكونَ منصوبةً بنزع الخافض وسيأتي ذكر ذلك في موضعه المناسب.
(٤) انظر : معاني القرآن وإعرابه للزجّاج : ٢ / ٣١٤.
(٥) سورة الكهف : ١٨ / ١٢.
(٦) سنبيّن ذلك في مبحث المنصوب بنزع الخافض إِنْ شاءَ الله.
(٧) هو أَبو تمام حبيب بن أوس الطائي.
(٨) من قصيدة لأَبي تَمَّام في مدح أَحمد بن أَبي دؤاد. انظر : الديوان : ٧٢ والمحتسب : ١ / ٢٢٩.