مَنَافِعِهَا رَكُوبُهُم فَإنَّمَا حذفتَ منَ الخبرِ لأَنَّ تَقْدِيرَهُ فَرَكَوبُهم مِنْهَا ، فَهْوَ ـ وإنْ كانَ مُقدّماً فِي اللَّفظِ ـ مُؤَخَّرٌ في المعنى. وإن قَدَّرْتَهُ عَلَى مَعْنَى فَمِنْهَا ذوُ ركُوبِهم فَحَسَنٌ أيضاً وإنْ كَانَ مقدماً في المعنى فإنّه مؤخّرٌ في اللفظِ فاعرفْ ذلك (١).
٤ ـ حذف المضاف بعد مضاف
قَرَأَ طَلْحَةُ : (لَيسَ لَهَا ممّا يَدعوُنَ مِنْ دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ وَهْيَ عَلَى الظَّالِميِنَ سَاءَتِ الغَاشِية) (٢).
قَالَ أَبو الفتح : هَذِهِ القراءةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ المُرَادَ بقراءةِ الجماعة : (لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ) ـ حذفُ مُضَاف بعدَ مُضَاف ، ألاَ تَرَى أَنَّ تَقْدِيرَهُ : لَيْسَ لَهَا مِنْ جزاءِ عبادةِ معبود دونَ الله كاشفة؟ فالعبادة على هذا مصدر مضاف إلى المفعولِ. كقولِهِ : (بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ) (٣) و (لاَ يَسْأَمُ الاْنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ) (٤) ثُمَّ حُذِفَ المضافُ الأَول فصارَ تقديرُهُ لَيْسَ لَهَا مِنْ عبادَةِ معبود دُونَ اللهِ كَاشِفَةٌ ، ثُمَّ حُذِفَ المضافُ الثاني الذي هُوَ (عِبَادَةِ) فصار تقديره : ليس لها من معبود دُونَ اللهَ كَاشِفَةٌ ، ثُمَّ حُذِفَ المضافُ الثالثُ ، فَصَارَ إلى قوله : لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ.
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ٢١٦ ـ ٢١٧.
(٢) من قوله تعالى من سورة النجم : ٥٣ / ٥٨ : (لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ) ، والزيادة في قراءة طلحة بعد كلمة (كاشفة) تدخل في إطار التحريف ، إذ لا وجود لها في المصحف الشريف.
(٣) من قوله تعالى من سورة ص : ٣٨ / ٢٤ : (قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ).
(٤) سورة فصلت : ٤١ / ٤٩.