رُويَ عَنْ مُجاهد : (إِنْ تُعْفَ عَنْ طَائِفَة مِنْكُم) بالتاءِ المضمومة (تُعَذَّبْ طَائِفةٌ) (١).
قَال أَبو الفتح : الوَجْهُ يُعْفَ بالياءِ لِتَذْكِيرِ الظروف ، كقولك : سِيرَتِ الدابّةُ ، وَسِيرَ بالدابّةِ ، وَقُصِدَتْ هندٌ ، وقصد إلى هند ، لَكِنَّهُ حمله على المعنى فَأَ نَّثَ (تُعْفَ) حتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : إنْ تُسَامَحْ طَائِفةٌ أوْ إِنْ تُرْحَمْ طائِفَةٌ وَزادَ في الأُنْسِ بِذَلك مَجَيءُ التأنيثِ يليهِ ، وهو قولُهُ : (تُعذَّبْ طائِفَةٌ) والحَمْلُ على المعنى أَوسَعُ وأَفشى ، مِنْهُ مَا مضى وَمِنْهُ ما ستَرَى (٢).
٥ ـ الجمل لا تقوم مقام الفاعل
قَرَأ الزُّهرِي : (إِلاَّ لِيُعْلَم مَنْ يَتَّبِعُ الرسولَ) (٣) بياء مضمومة وفتح اللاّمِ.
قَالَ أبو الفتح : يَنبغي أَنْ يَكون (يُعلم) هُنَا بِمعنى يُعرف ، كقولهِ : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ) (٤) أَي : عرفتم ، وَتَكون (مَنْ) بمعنى الَّذِي ، أَي : لِيُعرفَ الَّذِي يِتَّبِعُ الرَّسُولَ. ولا تكون (مَنْ) هاهنا استفهاماً ، لئلاّ يكون الكلامُ جملةً ، والجُمَلُ لا تقوم مقامَ الفاعل ، ولذلك لم يُجِيزُوا أَنْ يكونَ قولُهُ (٥) : (هذا بابُ عِلْمُ ما الكلم) أَيْ : أَيُّ شيء الكلمُ ، وعِلْمُ في معنى :
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة التوبة : ٩ / ٦٦ : (إِن نَّعْفُ عَن طَآ ئِفَة مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَ نَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ).
(٢) المحتسب : ١ / ٢٩٨.
(٣) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ١٤٣ : (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ).
(٤) سورة البقرة : ٢ / ٦٥.
(٥) يريد سيبويه في الكتاب : ١ / ٢.