الشهرين اللَّذِينَ يتبعهما في اللَّبثِ نصفُ ثَالِثهما وصحتِ الإضافةُ فيهمَا هذا القدر من الوصلة بينهما. وَقَدْ أَضافَتِ العربُ الأولَ إلى الثاني لأَقلِ وأخفضِ مِنْ هَذِهِ الشَّبْكَةِ بَيْنَهُمُا ، أَنْشَدَنَا أَبو علي :
إذَا كَوكَبُ الخَرقَاءِ لاَحَ بِسُحرَة |
|
سُهَيْلٌ أذَاعَتْ غَزْلَهَا فِي الغَرَائِبِ (١) |
قَالَ : فَأَضَافَ سُهَيْلاً إلَيْهَا لجدها في عملها عند طلوعه ، وقريب من هذا قولُ الرَّجُلَينِ يحملانِ الخشبةَ ـ أَحدُهُمَا لِصَاحِبِهِ ـ : خَذْ أَنْتَ طَرَفَك وَلآخُذْ أَنَا طَرَفِي. وإنَّمَا الطرفُ للخشبة ، لا لِحَامِلِهَا ، فَاعْرِفْ كَلاَمَ القومِ تَرَ العجبَ مِنْهُ والحكمةَ البالغَة فيهِ بإذنِ اللهِ (٢).
٣ ـ حذف المضاف ضرب من التوسّع
قَرَأَ الحَسن والأَعمش : (رُكُوبُهُمْ) (٣) برفع الرَّاءِ قَالَ أَبوُ الفتحِ : أَمَّا الرُّكوبُ بِضّمِّ الرَّاءِ فَمَصْدَر ، والكلامُ مَحمُولٌ عَلَى حذفِ المُضافِ مُقَدَّماً أوْ مُؤَخَّراً.
فِإن شِئتَ كَانَ التَّقدِيرُ فِيهَا ذُو رُكُوبِهِم ، وَذُو الرَّكُوبِ هُنَا هُوَ المَرْكُوبُ ، فيرجِعُ المَعْنَى بَعْدُ إلى مَعنَى قراءَةِ مَنْ قَرَأَ (رَكُوبُهُمْ) (٤) بفتح الراء و (ركوبتهم) (٥).
__________________
(١) البيت غير منسوب لأَحد. ويروى (القرائب) مكان (الغرائب). شرح المفصل : ٣ / ٨ والمقرب : ١ / ٢١٣ واللسان : ٢ / ١٣١ والخزانة : ٣ / ١١٤.
(٢) المحتسب : ٢ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨.
(٣) مِنْ قَوله تعالى من سورة يس : ٣٦ / ٧٢ : (وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ).
(٤) هي قراءة الجمهور. انظر : البحر المحيط : ٧ / ٣٤٧.
(٥) قراءة أُبَي وَعَائشة. انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٣ / ٣٨١ ومختصر في شواذ القرآن : ١٢٦ والبحر المحيط : ٧ / ٣٤٧.