أي : أَقبلتُ زاحِفاً ، ومَا أَكْثَرَ نظائِرَهُ (١)!
تَعَدُّدُ الحال
قَرَأَ الحسنُ واليزيديُّ والثَّقفيُّ وأَبو حيوةَ : (خافضةً رافعةً) (٢) بالنصب.
قال أَبو الفتح : هذا منصوب على الحال (٣) ، وقوله : (لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كاذِبة) (٤) حينئذ حال أخْرى قَبْلَهَا ، أَي : إذا وَقَعتِ الواقعةُ ، صَادِقَةُ الواقعةِ خافضةً ، رافعةً فهذهِ ثلاثةُ أحوال ، أُولاهنَّ الجملةُ التي هي قولُهُ : (لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كاذِبَة) وَمِثْلُهُ :
مررتُ بزيد ، جالساً ، متكئاً ، ضَاحِكاً ، وإنْ شِئتَ أنْ تَأتِيَ بعشرِ أحوال إلى أضْعَافِ ذَلك لَجَازَ (٥) وَحَسُنَ ، كَمَا لَك أنْ تَأتِي للمبتدأ مِنَ الأخبَارِ بِمَا شِئتَ كَقْولِك : زيدٌ عَالِمٌ جميلٌ ، جوادٌ ، فارسٌ ، بصريٌّ ، بَزَّازٌ ، وَنَحْوَ ذَلِك.
أَلا ترى أَنَّ الحالَ زِيادَةْ في الخبرِ وَضَرْبٌ مِنْهُ؟ وَعَلى ذَلِك امتنَعَ أَبو الحسن أَن يَقول : لولا هندٌ جَالِسةً لَقمتُ وَنَحو ذَلِك (٦) ، قَالَ : لأَنَّ هَذَا
__________________
اُنظر : الديوان : ١٥٩ وكتاب سيبويه : ١ / ٤٤ وأَمالي ابن الشجري : ١ / ٩٣ والمحتسب : ٢ / ١٢٤.
(١) المحتسب : ٢ / ١٢٣ ـ ١٢٤.
(٢) من قوله تعالى من سورة الواقعة : ٥٦ / ٣ : (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ).
(٣) هما حال من الضمير في كاذبة أو في الواقعة. انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٢٥٣.
(٤) سورة الواقعة : ٥٦ / ٢.
(٥) اقتران جواب (إنْ) باللاّم غير عربي لأَنَّ لام الجواب تقترن بجواب الشرط وجواب لو واجب لولا حسب. انظر : معاني الحروف للرماني : ٥٥ وكتاب اللاّمات للزجّاجي : ١٣٦ ـ ١٤٠ وشرح المفصل : ٩ / ٢٢ ـ ٢٤ والجنى الداني : ١٦٩ ـ ١٧٠ والمغني : ١ / ٢٣٤.
(٦) انظر : الجنى الداني : ٥٤٣.