المثنّى
المثنّى يراد به الجمع
قرأ زيد بن ثابت وابن مسعود والحسن ـ بخلاف ـ وعاصم الجَحدَري : (فَأصلِحُوا بينَ إخْوانِكُمْ) (١).
قال أبو الفتح : هذه القراءَة تَدُلُّ على أَنَّ القراءَة العامّة التي هي : (بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) (٢) لفظُها لفظُ التثنية ، ومعنَاها الجماعة ، أَيْ : كل اثنين فصاعداً من المسلمين اقتتلا فأصلحوا بينَهما. أَلا ترى أَنَّ هذا حكمٌ عامٌّ في الجماعة وليسَ يختصّ بهِ مِنْهم اثنان مقصودان؟ ففيه إذاً شَيئان :
أحدُهُما : لفظ التثنيةِ يراد به الجماعة.
والآخر : لفظُ الإضافة لمعنى الجنس ، وكلاهما قد جاء منه قولهم : لَبَّيك
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة الحجرات : ٤٩ / ١٠ : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
(٢) قال سيبويه عن حنانيك : «وزَعَمَ الخليل (رحمه الله)! أَنَّ معنى التثنيةِ أنَّهُ أرادَ تحنّناً بعد تحنّن كأ نَّهُ قال : كلَّما كنت في رحمة وخير منك فلا ينقطعنَّ وليكنْ موصولاً بآخر من رحمتك» وعن لبيك يقول سيبويه : «كما أَنَّهُ أراد بقولِهِ لَبّيك وسعديك : إجابةً بعدَ إجابة. كأ نَّهُ قالَ : كلّما أجبتُك في أمر ، فأنا في الأمر الآخر مُجِيبٌ». انظر : الكتاب : ١ / ٧٤ ـ ٧٥.
وفي عبارة ابن جِنِّي التبس قولُ الخليل بقول سيبويهِ وعَلَّلَهُ الأساتذة محقّقو المحتسب بأنَّ أبا الفتح ينقل من حفظه. انظر : المحتسب : ٢ / ٢٧٩.