فَفَصَلَ بَيْنَ قَولِهِ : (رَسُولاً) وبَيْنَ صِفَتِهِ الَّتِي هِيَ (جَرِيًّا) بِقَولِهِ : إلى أُخْرَى ، وهَو معمولُ أَرْسَلَتْ. عَلَى هَذَا حَمَلَه أبو عَلَيّ وإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنّ يَكُونَ صِفَةً لـِ (رَسُول) متعلّقة بمحذوف وأَنْ يَكُونَ أَيضاً مُتَعلّقاً بِنَفْسِ (رسول).
وقَدْ يجوزُ في (أنَّ) أَنْ تَكونَ مَرْفُوعةً بفعل مُضْمَر حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : ووجَبَ ، أَو وحَقَّ أَنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. يُونسكَ بانقطاعهِ عَنِ الأوَّلِ إلى هُنا قِرَاءَةُ الجماعةِ بالكَسْرِ و (إِنَّ) (١).
زِيَادَةُ الوَاوِ عِنْدَ الكُوفِيينَ
قَرَأَ طلحة ـ رواهُ عبدُ الرحمنِ بن محمّد بن طلحة عَنْ أَبيه عَنْ جَدِّهِ ـ : (نَخْتِمُ عَلَى أَفْواهِهِمُ وَلِتُكَلِّمُنَا أَيْدِيِهم ولِتَشْهَدَ أَرُجُلُهُمْ) (٢).
قَالَ أبو الفتح : مَنْ ذَهَبَ إلَى زِيادَةِ الواو نَحْو قَولِ اللهِ سُبْحَانَهُ : (حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) (٣) جَازَ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فِي هَذَا المَوضِعَ (٤) فَكأَ نَّهُ اليومَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْواهِهِم لِتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِم ، فأَمَّا الواو فِي قَولِهِ تعالى : (ولِتَشْهَدَ) فَعَطَفَ عَلَى مَا قبلها وهْو (لِتُكَلِّمَنَا) وعَلى أنَّ زِيادةَ الواو
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ٢٥٠ ـ ٢٥١.
(٢) من قوله تعالى من سورة يس : ٣٦ / ٦٥ : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
(٣) سورة الزمر : ٣٩ / ٧٣.
(٤) ذهب إلى زيادة واو العطف الكوفيون والأخفش والمُبَرِّدُ من البصريين. انظر : معاني القرآن للأخفش : ١٦٣ / أومعاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٨١ والمقتضب : ٢ / ٨٠ والإِنصاف : ١ / ٢٤٣ والمغني : ٢ / ٣٦٢.