عدم تواترها ، وإلاّ لتناقض التواتر مع نفسه ، ثمّ كيف تكون هذه متواترة ـ كما ذهب إليه العامّة وبعض أصحابنا ـ ونحن نرى ترك البسملة في الصلاة في قراءة أبي عمرو ، وحمزة ، وابن عامر ، وورش عن نافع ، وكلُّهم من القرّاء السبعة ، وخالفهم بذلك ابن كثير ، والكسائي ، وعاصم ، وقالون عن نافع ، وهؤلاء كلّهم من السبعة أيضاً ، والإجماع قائم على بطلان من ترك البسملة في صلاته. وهناك جملة من الدراسات العلميّة الرصينة أثبتت عدم تواتر القراءات السبع أو العشر وغيرها إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، بل عدم تواترها إلينا عن القرّاء السبعة أنفسهم ، إذ نقلها عنهم نفرٌ يسير من تلامذتهم لا يتحقّق التواتر بنقلهم ، ثمّ شاعت وانتشرت بعد ذلك. وقد روى العامّة أخباراً نسبوها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأنّه قال : «نزل القرآن على سبعة أحرف كلّها شاف واف» وزعموا تواترها عنه (صلى الله عليه وآله) ، واختلفوا في معناها على أربعين قولاً لا حاجة لنا فيها ، ومن بينها الحمل على القراءات السبع ، وهو حملٌ باطل جزماً; لأنّ أوّل من جمع القراءات السبع هو ابن مجاهد (ت / ٣٢٤ هـ) في كتابه (قراءة السبعة) وما بين نزول القرآن وابن مجاهد أكثر من ثلاثة قرون ، ولم يوحِ الله عزّوجلّ إلى ابن مجاهد بانتقاء تلك القراءات السبع من بين أكثر من مئة قراءة في زمانه ، ولهذا انتقده علماء العامّة كثيراً ، إذ صار عمله هذا مدعاة لاشتباه الناس بأنّ المقصود بالأحرف السبعة هو تلك القراءات السبع. نعم القراءات السبع هي من جملة القراءات المعتدّ بها في الجملة وإن اشتمل بعضها على الشواذ ، وأمّا أخبار الأحرف السبعة فهي أخبار مكذوبة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكأنّ هدفها تمرير خطأ الرعيل الأوّل في تلفّظ كلمات الله عزّوجلّ في كتابه المبجّل ، وقد حكم أهل البيت (عليهم السلام) بكذب تلك الأخبار صراحة. ففي خبر زرارة في الكافي الشريف عن الإمام الباقر (عليه السلام) : «إنّ القرآن واحد نزل من عند الواحد ، ولكنّ الاختلاف يجيء من قبل الرواة» ، وفيه في الصحيح عن فضيل بن يسار الثقة ، قال : «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : إنّ الناس يقولون : نزل القرآن على سبعة أحرف؟ فقال : كذبوا أعداء الله ، ولكنّه نزل على حرف واحد من عند الواحد». والذي يهوّن الخطب هو أنّ أكثر ألفاظ القرآن الكريم متّفقٌ عليها بين القراء