جنس ، والأجناسُ أَبعدُ شيء عَنِ الجمعيَّةِ لاستحالةِ المَعْنَى فِي ذَلِك ، لَكِنْ جُعِلتِ القُرَّةُ هُنا نوعاً ، فجَازَ جمعُها ، كَما تَقولُ : نحنُ في أَشغال ، وبيننا حروب ، وهناك أَحزانٌ وأمراضٌ ، وَحَسَّنَ لَفْظَ الجَمْعِ هُنَا أيْضاً إضافةُ (القُرَّاتِ) إلى لَفْظِ الجماعةِ ، أعْنِي (الأعين). فقولنا إذاً : أشغالُ القومِ أشبهُ لَفظاً مِنْ أشغالِ زيد ، وَكِلاَهُما صحيحٌ غيرَ أنَّ فيهِ مَا ذَكْرتُهُ.
وَلَيسَ ينبغي أَنّ يُحتَقَرَ في هذهِ اللغةِ الشريفةِ تَجَانُسُ الألفاظِ ، فإنَّ أَكْثَرَهَا دائرٌ عليهِ في أَكثَرِ الوقتِ (١).
إضافة المصدر
قَرَأَ الأعرجُ وَرُويَ عَن أَبي قِلابة وعن مجاهد أيضاً : (وَقيِلُهُ) (٢) رَفْعاً ، وَقَرَأ يَعْقُوبُ القارئ : (وَقِيلَهُ) نصباً (٣).
قَالَ أَبو الفتح : إنَّ المَصْدرَ الذي هو (قِيل) مضاف إلى الهاءِ وهي مفعولةٌ
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ١٧٤.
(٢) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٨٨ : (وَقِيْلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ).
(٣) قراءة النَّصب قراءة سبعية كما في : البحر المحيط : ٨ / ٣٠ ، وفي إتحاف فضلاء البشر طبعة دار الندوة الجديدة : ٣٨٧ : قرأ عاصم وحمزة بخفض اللاّم وكسر الهاء مع الصلة بياء عطفاً على الساعة ، أي وعنده علم قِيلِهِ أَي قول محمد صلّى الله عليه وآله أو عيسى عليه السلام والقِيلُ والقَالُ اسما مصدر ، والقَولُ مصدَرٌ وهي بمعنى واحد ، ووافقهما الأعمش والباقونَ بفتح اللاّم وضمِّ الهاءِ وصلتها بواو عطفاً على محلِّ السَّاعَةِ ، أي : وعندَهُ أنْ يعلمَ السَّاعَةَ ويعلمَ قيلَهُ كذا أو عطفاً على سرّهم ونجواهم أو على مفعول يكتبون أي يكتبون ذلك ويكتبون قيلَهُ كذا أيضاً أو على مفعول يعلمون المحذوف أي : يعلمون ذلك وقيلَهُ ، أو على أنَّهُ مصدرٌ أي : قال قيلَهُ ، أو بإِضمارِ فعل أي : اللهُ يعلم قيلَ رسولِهِ محمد صلّى الله عليه وآله.