فَأَمَّا أَنْ يكُونَ ظَرفاً لِتَنَادَوا مُحالٌ ، لِمَا قَدَّمْنَا (١).
٣ ـ حكاية الجملة الاستفهامية
قَالَ أَبُو الفَتْح : إنَّ العَرَب قد تَحْمِل عَلَى ألْفَاظِهَا لِمَعَانِيهَا حَتَّى تُفْسد الإعرابَ لِصَّحَةِ المَعْنَى. ألاَ تَرَى إلى أَنَّ أقْوى اللَّغَتَينِ ـ وهِيَ الحجازيِّةُ ـ في الاستْفَهَامِ عَنْ الأعلام نَحو قَولِهِم : فِيمَنْ قَالَ : مَرَرْتُ بزيد : مَنْ زيد؟ فالجرُّ حكايةٌ لجرِّ المسئول عنه ، فهذا مِمّا احتُمِلَ فيه أضعافُ الإِعراب لتقويةِ المعنى. ألا تَرَى أَنَّهُ لَو ركِبَ اللغة التميميَّةَ طَلَباً لاِصَابَةِ الإعرابِ فَقَالَ : مَنْ زيدٌ (٢)؟ لَمْ يَصِحْ مِنْ ظَاهِرِ اللَّفظِ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْأَلُ عَنْ زيد هذا المذكور آنفاً ولَمْ يؤمنْ أَنْ يُظَنَّ بِهِ أَنَّهُ إنَّمَا ارتْجَلَ سؤالاً عن زيد آخر مُسْتَأ نَفاً (٣).
التذكير والتأنيث
حذفُ تاءِ التأنيثِ وإقامةُ الضمير مقامها
روى ابنُ وهب عن حرملةَ بنِ عِمرانَ أنَّهُ سَمِعَ محمّد بن عبد الملك يَقْرأ : (لاََعدّوا لَهُ عُدَّهُ) (٤).
قَالَ أَبُو الفتح : المُسْتَعمَلُ في هَذَا المعنى العُدَّةُ بالتَّاءِ ولَمْ يَمْرُرْ بِنَا في هذا
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥.
(٢) قال سيبويه : اعلم أَنَّ أهلَ الحِجَازِ يقولون إذا قال الرَّجُلُ : رأيتُ زيداً : مَنْ زيداً؟ وإذا قالَ : مررتُ بزيد قالوا مَنْ زيد ، وإذا قال : هذا زيدٌ قالوا : من زيدٌ؟ وأما بنو تميم فيرفعونَ عَلَى كلِّ حال وهو أَقيسُ القَولَينِ. الكتاب : ١ / ٤٠٣.
(٣) المحتسب : ٢ / ٢١١.
(٤) من قوله تعالى من سورة التوبة : ٩ / ٤٦ : (وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً).