نِعْمَ ولُغاتُهَا
قَرَأَ يحيى بنَ وثّاب : (فَنَعْم عُقْبَى الدَّارِ) (١).
قَالَ أَبو الفتح : أَصلُ قَولِنَا : نِعْمَ الرجلُ ونحوهُ نَعِمَ كَعَلِمُ وكُلُّ مَا كَانَ عَلَى فَعِل وثَانيهِ حرفٌ حَلْقِيُّ (٢) فَلَهُم فِيهِ أَربعُ لُغات ، وذَلِك نَحو فَخِذ ومَحِك (٣) ونَغِر (٤) ، بِفَتحِ الأولِ وكَسْرِ الثانِي عَلَى الأصل. وإنْ شِئْتَ أسكَنْتَ الثاني وأَقررتَ الأولَ عَلَى فتْحِهِ فَقُلْتَ : فَخْذ ، ومَحْك ، ونَغْر.
وإنّ شِئْتَ أتبعتَ الكَسْرَ الكَسْرَ ، فَقُلْتَ فِخِذِ ومِحِك ونِغِر وكَذَلِك الفعل نَحُو ضَحِك ، وإنْ شِئْتَ ضَحْك وإنْ شئتَ ضِحِك.
فَعَلَى هَذَا تقولُ : نَعِمَ الرَّجُلُ ، وإنْ شِئْتَ نَعْمَ ، وإنْ شِئتَ نِعْمَ (٥) وإنْ شِئْتَ نِعِمَ (٦) ، فَعَلَيهِ جاءَ (فَنَعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) ، وأَنشَدَنَا أَبَو عليّ لِطَرَفَة :
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة الرعد : ١٣ / ٢٤ : (سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْـمَ عُقْبَى الدَّارِ).
(٢) حروف الحلق ستّة : الهمزَةُ والهاءُ وهما أَقصاهُ ، والعينُ والحاءُ وهُمَا من أوسطه ، والغينُ والخاءُ وهُما من أَولِهِ مما يَلِي اللسانَ. انظر : المُقَتَضَب : ٢ / ١٤٠.
(٣) المَحك : التمادي في اللجاجة عند المساومة. انظر : اللسان : ١٢ / ٣٧٥.
(٤) النَّغِر : بوزن الكتف هو الّذي يغلي جوفه من الغيض. انظر : مختار الصحاح : ٦٧٠.
(٥) قالَ المُبَرّدُ : وقد ذكر هذه الوجوه الأَربعة : «كلَّ ذلِكَ جائزٌ حَسَنٌ إذا اثرت استعماله أَعني الوجوهَ الأربَعَةَ». انظر : المقتضب : ٢ / ١٤٠.
(٦) قال أَبو الخطاب الأخفش إنّها لُغَةُ هُذَيل. الكتاب : ٢ / ٤٠٨.